ولا نعلم خلافاً من أحدٍ من العلماء في أنّ الوكالة عقد جائز من الطرفين ؛ لأنّه عقد على تصرّفٍ مستقبل ليس من شرطه تقدير عملٍ ولا زمان ، فكان جائزاً ، كالجعالة. فإن فسخها الوكيل انفسخت ، وبطل تصرّفه بعد الفسخ ، وإن فسخها الموكّل فكذلك.
والأصل في ذلك أنّ [ في ] (١) الوكالة قد يبدو للموكّل في الأمر الذي أناب فيه وفي نيابة ذلك الشخص ، وقد لا يتفرّغ له الوكيل ، فالإلزام مضرٌّ بهما جميعاً.
ولا خلاف في أنّ العزل مبطل للوكالة.
مسألة ٧٥٦ : قد بيّنّا أنّ الوكالة جائزة من الطرفين ، وتبطل بعزل الموكّل في حضرته وغيبته إمّا لفظاً بلفظ العزل ، كقوله : عزلتك عن الوكالة ، أو بلفظٍ يؤدّي معناه ، مثل : فسخت الوكالة ، أو : أبطلتها ، أو : نقضتها ، أو : صرفتك عنها ، أو : أزلتك عنها ، أو : رفعت الوكالة ، أو : أخرجته عن الوكالة ، فينعزل ، ويبطل تصرّفه بعد ذلك ، سواء ابتدأ بالتوكيل أو وكّل بمسألة الخصم ، كما إذا سألت المرأة زوجَها أن يوكّل بالطلاق أو الخلع ، أو المرتهنُ الراهنَ أن يوكّل ببيع الرهن ، أو الخصمُ الخصمَ أن يوكّل في الخصومة ، ففَعَل المسئول ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّ الوكالة استنابة تابعة لاختيار الموكّل ، فله العزل متى شاء ، كغيرها من الوكالات.
__________________
(١) ما بين المعقوفين أثبتناه لأجل السياق.
(٢) بحر المذهب ٨ : ١٥٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٨.