وأصحّهما عندهم : أنّه لا يوكّل في القدر المقدور عليه ؛ لأنّه لا ضرورة إليه ، بل يوكّل في الزائد خاصّةً ؛ لأنّ التوكيل إنّما جاز لأجل الحاجة ، فاختصّ بما دعت إليه الحاجة ، بخلاف وجود إذنه فيه ؛ لأنّه مطلق.
والثاني : إنّه لا يوكّل في قدر الإمكان ، وفيما يزيد عليه وجهان.
والثالث : إطلاق الوجهين في الكلّ (١).
قال الجويني : والخلاف على اختلاف الطرق نظراً إلى اللفظ أو (٢) القرينة ، وفي القرينة تردّد في التعميم والتخصيص (٣).
الثالث : ما عدا هذين القسمين ، وهو ما أمكنه فعله بنفسه ولا يترفّع عنه ، فقد قلنا : إنّه لا يجوز له أن يوكّل فيه إلاّ بإذن الموكّل ؛ لأنّه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمّنه إذنه ، فلم يجز ، كما لو نهاه. ولأنّ التوكيل استئمان ، فإذا استأمنه (٤) فيما يمكنه النهوض به ، لم يكن له أن يولّيه مَنْ لم يأتمنه عليه ، كالوديعة ، وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.
وقال في الأُخرى : يجوز له أن يوكّل ـ وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب ـ لأنّ الوكيل له أن يتصرّف بنفسه ، فملكه نيابةً للموكّل (٥).
[ و ] الأوّل أولى. ولا يشبه الوكيل المالك ، فإنّ المالك يتصرّف في
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٤.
(٢) في « ث ، خ » : « و» بدل « أو ».
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦.
(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « استئمار ... استأمره ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.
(٥) الفقه النافع ٣ : ١٢٤٠ / ٩٩٥ ، بحر المذهب ٨ : ١٦٦ ، البيان ٦ : ٣٦٨ ، المغني ٥ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١٠.