فإذا قال : له علَيَّ ألف درهم من ثمن مبيعٍ مجهول ، أو بأجلٍ مجهول ، أو بخيارٍ مجهول ، لم يُقبل منه ، ولزمه الألف في الحال.
وللشافعي قولان (١).
ولأصحابه مأخذان في هذا الخلاف :
أحدهما : بناؤه على القولين في تبعيض الشهادة إذا شهد لشريكه ولأجنبيٍّ.
وقيل : إنّه غير مشابهٍ للمتنازَع ؛ لأنّ الشهادة للأجنبيّ والشهادة للشريك أمران لا تعلّق لأحدهما بالآخَر ، وإنّما قرن الشاهد بينهما لفظاً ، والخلاف فيها شبه الخلاف في تفريق الصفقة ، وأمّا هاهنا فالمذكور أوّلاً مسند إلى المذكور آخِراً ، وأنّه فاسد في نفسه مُفسدٌ للأوّل ، ولهذا لو قدّم ذكر الخمر فقال : لفلانٍ من ثمن الخمر علَيَّ ألف ، لم يلزمه شيء بحال ، وفي الشهادة لا فرق بين أن يقدّم ذكر الشريك أو الأجنبيّ.
ثمّ هَبْ أنّهما متقاربان ، لكن ليس بناء الخلاف في الإقرار على الخلاف في الشهادة بأولى من العكس.
والثاني : إنّه يجوز بناء هذا الخلاف على الخلاف في حدّ المدّعي والمدّعى عليه ، إن قلنا : المدّعي مَنْ لو سكت تُرك ، فهاهنا لو سكت عن قوله : « من ثمن خمرٍ » لتُرك ، فهو بإضافته إلى الخمر مُدّعٍ ، فلا يُقبل قوله ، ويحلف المُقرّ له. وإن قلنا : المدّعي مَنْ يدّعي أمراً باطناً ، قُبِل قول المُقرّ ؛ لأنّ الظاهر معه ، وهو براءة الذمّة ، والمُقرّ له هو الذي يدّعي أمراً باطناً ،
__________________
(١) الوسيط ٣ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٨ : ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦.