والمداراة مثالا (١) ، لأمنائه ، وإيجابا للحجّة على خلقه ، فكان أوّل من قيّدهم به الإقرار بالوحدانيّة والربوبيّة والشهادة بأن لا إله إلّا الله ، فلمّا أقرّوا بذلك تلاه بالإقرار لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوّة والشهادة له بالرسالة ، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثمّ الصوم ثمّ الحجّ ثمّ الجهاد ثم الزكاة ثم الصدقات ، وما يجري مجراها من مال الفيء ، فقال المنافقون : هل بقي لربّك علينا بعد الذي فرضه شيء آخر يفترضه ، فتذكره لتسكن أنفسنا أنّه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) يعني الولاية ، فأنزل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٢) ، وليس بين الأمّة خلاف أنّه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد وهو راكع غير رجل لو ذكر اسمه في الكتاب لاسقط مع ما اسقط من ذكره ، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرّفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك ، وعند ذلك قال الله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(٣)» (٤).
١٦٠٤ / ٢ ـ روى العيّاشي في (تفسيره) : بإسناده عن داود بن فرقد ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «لو قرء القرآن على كما أنزل لألفيتنا (٥) فيه مسمّين» (٦).
__________________
(١) في المصدر : أمثالا.
(٢) المائدة ٥ : ٥٥.
(٣) المائدة ٥ : ٣.
(٤) الإحتجاج ١ : ٥٩٢.
(٥) ألفيت الشيء : وجدته. «الصحاح ـ لفا ـ ٦ : ٢٤٨٤».
(٦) تفسير العيّاشي ١ : ١٣ / ٤.