والمهم القول إن الله بكل شيء محيط ، وإنه إن كانت صلاة الكافرين تصدية ، أي تصفيقا ، فالله من ورائهم ، وهو المحرك وله المكر ، وهو الخير ، وأنه بعث محمدا خصيصا في بيئة جاهلية وزمن الجاهلية ليكون ذلك أدعى لزيادة قيمة دور النبي ، وأن النور لا يقوم إلا بوجود الظلمة ، ولو شاء سبحانه لهدى الناس أجمعين.
٣٧ ، ٣٨ ـ (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨))
[الأنفال : ٣٧ ، ٣٨]
العملية تشير إلى التمييز ، ليفرق الله بين الأسماء ، فيتم بعد ذلك فلقها وظهورها ، فإذا اسم الله الظاهر هو الظاهر ، وإذا العبد متحقق بهذا الاسم الذي هو جماع الوجود الظاهري ، فيرى الله من ثم عيانا ، كما وصف النبي رؤية المؤمنين له عيانا في الجنة ، كما يرون القمر ليلة البدر لا يضارون في رؤيته ، وهذه الرؤية جوهر سورة الأنفال والدرة الفريدة ، لأنها الغاية من خلق الخلق ، ليظهر الله بالخلق.
٣٩ ، ٤٠ ـ (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠))
[الأنفال : ٣٩ ، ٤٠]
القتال فريضة لإخراج أسماء الجمال ، ومن غير القتال لا تنتصر أسماء الجمال كالحق والعدل والعطاء ، ولئن قعد المؤمنون عن القتال شالت كفة أصحاب الشمال ، فلم تظهر أسماء الله الجميلة ، ولم يبق في الوجود إلا الشر وأهله ، والشر ليس إلى الله كما جاء في الحديث ، وإن كان واقعا بمشيئته وقدرته.
٤١ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١))
[الأنفال : ٤١]
سبق وأولنا ذوي القربى واليتامى والمساكين ، والمهم القول : إن ما يغنمه القلب من عطايا الحواس الجالبة للمعلومات من الخارج ، والتي يزيدها الروح عطاء من عنده بتفجير ينابيع علومه ، إن هذه الغنيمة توزع بنسب معينة على باطن الإنسان الذي هو العقل ، وعلى ظاهره الذي هو الحواس ، فللخيال حصة ، وللذاكرة حصة ، وكذلك للحس والسمع والبصر وما إلى ذلك من قوى ، كل أولئك لهم نصيب معلوم من أعطية الروح والجسد ، وهي أعطيات الإنسان