سورة الكهف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١))
[الكهف : ١]
الكتاب النبوة والعلم الجامع وهو علم التوحيد ، ولهذا ختمت الآية بالقول : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً ،) أي للكتاب ، وذلك بدهي لأن ما جاء في القرآن هو من باب العلم ، وعلم الله لا عوج فيه ، ويكون العوج في شطر من الأسماء تحقيقا للقصد ، وسقنا لهذا مثلا قول ابن عربي إن اعوجاج القوس للرمي هو عين استقامته ، فلا اعوجاج في القوس ولا في الكتاب ولا في الوجود ، وما يبدو للإنسان من اعوجاج من نوع ما يبدو من اعوجاج القوس ، فالضرورة اقتضت خلق الاعوجاج المقوّم ، وسقنا من قبل قول القائل : إن سوء الأدب إن أثمر أدبا فهو أدب.
٢ ، ٣ ـ (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣))
[الكهف : ٢ ، ٣]
البأس العذاب ، وعذاب الله الحجاب ، ففريق قربوا من الحق نجيا ، وفريق أبعدوا وحجبوا ، وكلاهما مخلوق لتحقيق القصد ، فلو لا المبعدون ما تقرب المقربون ، والمبعدون يستعذبون عذابهم لتلاؤم الصفة والموصوف ، والأجر الحسن الذي يناله المؤمنون عطايا الإيمان.
أولا من سكينة وطمأنينة ورحمة.
وثانيا عطايا الإحسان وهي التقريب الإلهي وثماره العلم الإلهي.
ولهذا ختمت الآية الثالثة بالقول : (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣)) أي ماكثون في الأجر ، والمكوث الإقامة والسكن ، فالأجر هنا معنوي قلبي يمكث فيه الإنسان أي يسكن قلبه النور ويشع ، ويسكن قلبه هو للراحة.
٤ ، ٥ ـ (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥))
[الكهف : ٤ ، ٥]
عودة إلى التحذير من أن يتخذ الله ولدا ، وقلنا كيف يكون لله ولد وليس في الوجود إلا هو ، وكيف يولد شيء من شيء والشيئية أصلا إلهية نورانية كما بينا القول في أصل المادة