وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١))
[التوبة : ٧١]
الوصف المقابل للمؤمنين والمؤمنات ، وهم تعينات الوجه النور والحق والجمال والآلاء ، ومصير هؤلاء إلى الرحمة كما قال تعالى في موضع آخر : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [العنكبوت : ٦٩] فالرحمة هي مجموع السبل المؤدية إلى الله ومعرفته ورؤيته والتنعم بعطايا جنانه.
٧٢ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢))
[التوبة : ٧٢]
سبق وتحدثنا عن الجنات وطبقاتها ، وذكر عبد الكريم الجيلي في كتابه «الإنسان الكامل» هذه الجنات وعددها فقال : عددها ثمان ، وهي جنة السّلام أي جنة المجازاة ، وخلق الله هذه الجنة من الأعمال الصالحة ، تجلى الله فيها على أهلها باسمه الحسيب جزاء محضا ... ثم جنة الخلد وهي جنة المكاسب ، وهي ربح محض ، لأنها نتائج العقائد ، تجلى الله على أهلها باسمه البديع ... ثم جنة المواهب من اسمه الوهاب ، فلا يدخل هذه الجنة أحد إلا بهبة الله تعالى ، وهي الجنة التي قال صلىاللهعليهوسلم فيها : (لا يدخلها أحد بعمله) ، فقالوا له : ولا أنت يا رسول الله؟ فقال : (ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته) ، وهذه الجنة هي المسماة في القرآن جنة المأوى ... ثم جنة الاستحقاق والنعيم والفطرة وهي لأقوام اقتضت حقائقهم التي خلقهم الله عليها أن يدخلوها بطريق الاستحقاق الأصلي ، أي رجعت روحهم من حضيض البشرية إلى الفطرة الأصلية ، وسقف هذه الجنة هو العرش ... ثم الفردوس ، وهي جنة المعارف وأهلها في مشاهدة دائمة ، فهم الشهداء ، أعني شهادة الجمال والحسن الإلهي ، قتلوا في محبة الله بسيف الفناء عن نفوسهم ، فلا يشهدون إلا محبوبهم ... ثم جنة الفضيلة وأهلها الصديقون وهي جنة الأسماء ثم الدرجة الرفيعة ، وهي جنة الصفات من حيث الاسم ، وهي جنة الذات من حيث الرسم ، وأهلها التحقق بالحقائق الإلهية ، وهي مقام إبراهيم الخليل ، رأيته قائما في يمين هذا المحل ناظرا إلى وسطه ، ورأيت محمدا عليهالسلام في وسطه شاخصا ببصره إلى سقف العرش طالبا للمقام المحمود الذي وعده الله به ... ثم وأخيرا المقام المحمود ، وهو جنة الذات ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (المقام المحمود أعلى مقام في الجنة ، وإنها لا تكون إلا لرجل واحد وأرجو أن يكون أنا ذلك الرجل).
وفي جنة الذات يتم تبادل وجودي صرف بين صفات العبد وصفات الله حيث يتولى الله عبده فيصير سمعه وبصره ويده ورجله كما جاء في الحديث.