على كل معترف له بمملكة الربوبية وسلطان العبودية وأشهدهم خلقه ، وولاهم ما شاء من أمره ، وجعلهم تراجم مشيئته وألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، يعلم ما بين أيديهم ، وما خلفهم ، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ، وهم من خشيته مشفقون).
والدرجة الثانية يحتلها التابعون بإحسان ، وهؤلاء هم أصحاب مقام الإحسان ، وهو الذي عرفه النبي عليهالسلام : (أن تعبد الله كأنك تراه) ، وهؤلاء في الجنة بعد أن فازوا ... أما المنافقون الذين ورد ذكرهم في الآيات فهم ممن يصدق فيهم قول الإمام جعفر الصادق الناس كلهم بهائم إلا قليل من المؤمنين ، والمؤمن غريب.
١٠٩ ، ١١٠ ـ (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠))
[التوبة : ١٠٩ ، ١١٠]
تأسيس البنيان على تقوى من الله ورضوان يعني اعتماد الضمير وحيا من الله تعالى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويصل العبد بربه ، ولا يؤيسه منه ، وهو معنى قوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [الحديد : ٤] ، فمن اتبع صوت ضميره عاش في رضى ، أما من رغب عن سماع ذلك الصوت ، واعتمد أناه لا غير ، فلقد أسس بنيانه على شفا جرف ، إذ منذا الذي يساعد الإنسان ويعاضده في هذه الحياة سوى هذا النور القديم الحكيم العليم الذي يهدي الإنسان الصراط المستقيم ويثبته عليه؟
١١١ ، ١١٢ ـ (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢))
[التوبة : ١١١ ، ١١٢]
الدعوة إلى قتل النفس ، وهذا القتل صنفان معنوي وحسي ، أما القتل المعنوي فلقد وصف بأنه الموت الأبيض وفيه فناء الصفات الإنسانية بردها إلى بارئها وتبرؤ الإنسان من ادعاء ملكيته لها ... ويلي هذا الموت الأسود ، وفيه فناء النفس ذاتها بردها أيضا إلى بارئها الذي هو الكل ، والذي هو الوارث يرث النفوس جميعها ، والعقبى هي الجنة وهي المكان الذي ينعم القلب فيه بوراثته درجة الكلية الإلهية حيث تخلع عليه الخلع الإلهية الملكية الصفاتية ، فإذا الوارث يوسف الحسن قد ورث خير الدارين ، واحتل مكانة الإنسان الكامل المتعين في