العابدين الذاكرين المستغفرين معجبون بأفعالهم وعبادتهم ... أما الحال الآخر فهو مجيء اليقين ، وهو ظهور الروح في أفق الذات جزئية وكلية ، فإذا القيامة الصغرى للنفس الجزئية قد قامت ، وإذا الساعة الصغرى قد حلت ، وإذا الدنيا عاليها سافلها ، وإذا الله قد تجلى وتدلى وأسفر ، فتدكدك جبل البدن والأنا دكا حتى صار قاعا صفصفا ... وهذا ما عبرت عنه الآية بالأرض التي أخذت زخرفتها وازينت ، فإذا هي بعد إتيان أمر الله حصيد سراب يباب.
٢٥ ـ (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥))
[يونس : ٢٥]
دار السّلام هي جنة المأوى للعارفين الواصلين المكاشفين المتحققين بأن لا إله إلا الله ، وأن ليس في الوجود من وجود حق إلا الله ، والمصير إلى هذا المصير هو ما عبرت عنه الآية بالصراط المستقيم.
٢٦ ـ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦))
[يونس : ٢٦]
قال سبحانه في موضع آخر : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)) [يونس : ٦٢] ، وتقول الآية : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ ،) والوصف لأصحاب الحقيقة الذين رأوا كما رأى فريد الدين العطار في «منطق الطير» : إن طيور الأرواح كلها هي نفسها الروح الكلي فهو الوجه الجامع الجميل الأصيل الباقي والخالد وما سواه أشباح ، ويصبح المكاشف من ثم خليل الله ، ووجهه وجه الله باعتبار الوجود الحقاني ، فإذا تم التحقق ، فكيف يرهق وجه الوراثة الإلهية قتر أو ذلة؟
٢٧ ـ (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧))
[يونس : ٢٧]
الذلة التي ترهق الذين كسبوا السيئات هي تمسكهم بالوجه الزائف ، والظل الذي لا أساس له ، واعتصامهم بأنية ليس لها من الوجود الحق إلا الظهور ، وهذا الاحتجاب هو مثل قطع من الليل المظلم غشيت وجوه المحجوبين المبعدين.
٢٩ ، ٢٨ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩))
[يونس : ٢٩ ، ٢٨]
الشركاء المتشخصات الجزئية للأسماء ، وقد جابه بعضها بعضا بعد رفع الحجاب فإذا