وقال أيضا : الفلسفة معناها حب الحكمة ، وكل عاقل يحب الحكمة ، غير أن أهل الفكر خطؤهم في الإلهيات أكثر من إصابتهم.
ووصفت هذه العملية الظاهرة الباطنة بالكيل ، وجاء في الآية ونزداد كيل بعير والإشارة إلى ما تكسبه الأسماء بالكشف العرفاني من علم لدني يضاف إلى كيل الفكر من التعريفات.
٦٧ ـ (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧))
[يوسف : ٦٧]
الأبواب المتفرقة جميع ما يحصل عليه الإنسان من معارف من أي طريق كان ، على هذا فليس في الإمكان أبدع مما كان كما قال الغزالي ولا يبنتز. وقال ديكارت في الكوجيتو : أنا أفكر إذن أنا موجود. فبالفكر وحده استوى آدم على عرش الوجود ، أما بنوه فهم من نسله ، وهم كلهم عبيد مربوبون حتى وإن كان منهم كافرون هم إخوة المؤمنين ولا يشعرون ، ولهذا قال المسيح : (باركوا لاعنيكم لأنهم إخوانكم). فما خلق الله شيئا عبثا ، وقال ابن عطاء الله : جعل الشيطان لك عدوا ليحوشك به إليه ، وحرك عليك النفس ليدوم إقبالك عليه.
٦٨ ـ (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨))
[يوسف : ٦٨]
علم يعقوب علم الروح ، فهو العلم والعالم والمعلوم ، فالروح ليس إلا النشاط الإلهي في حال الإنتشار والممارسة.
٦٩ ـ (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩))
[يوسف : ٦٩]
إيواء يوسف لأخيه إيواء القلب للفكر ، فهاهنا لم يعد ثمة تضاد وتناقض ، ووجد الإنسان روحه الضائعة لما اهتدى فهو في جنة النعيم. ونتيجة هذا التآخي المعنوي التوازن الداخلي والإنسجام الذاتي والسّلام الروحي العميق الذي لا تهزه الأحداث وتقلبات الأيام ، ولهذا قال سبحانه في وصف أوليائه : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)) [يونس : ٦٢].
٧٠ ، ٨٦ ـ (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ