الحائط عوج ، وعلى هذا فيحتاج إلى الجواب عن قوله تعالى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)(١) وأجيب بأنه قصد بذلك المبالغة ، فجعلت الأرض بمنزلة المعنى الذي لو تحرّى فيها كلّ مهندس بحذقه وسوّاها لظهر عند تحقق التسوية أنّ فيها بعض (٢) عوج. فنفى ذلك القدر المتوهّم عن الأرض يوم القيامة. وفي الحديث : «سوارا من عاج» (٣). قال القتيبيّ : هو الذّبل (٤) وأنشد الهذليّ ؛ هو أبو خراش يذكر امرأة (٥) : [من الطويل]
فجاءت كخاصي العير لم تحل جاجة |
|
ولا عاجة منها تلوح على وشم |
هذا مثل. يقال : جاء فلان كخاصي الحمار ، أي منكسرا. والعاجة : الذّبلة ، والجاجة : خرزة تافهة لا تساوي فلسا. وفي الحديث : «ثم عاج رأسه» (٦) أي لفتها. عجت الناقة : لويت رأسها وعطفتها بزمامها. والأعوج يكنّى به عن السيء الخلق. والأعوجيّة : خيل منسوبة إلى أعوج ؛ فحل مشهور. وهو مذكور في أشعارهم.
ع ود :
قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا)(٧). العود : الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه ؛ إمّا انصرافا بالذات أو بالقول والعزيمة. قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا)(٨) اختلفوا في العود ؛ فقيل : هو أن يمسك المظاهر زمنا يمكنه أن يطلقها فيه ، وعند أهل الظاهر أن يقول ذلك مرة ثانية. وقال أبو حنيفة : العود في الظّهار : أن يجامعها بعد أن ظاهر منها. قال بعض الناس. المظاهرة هي يمين نحو أن يقول : امرأته عليه كظهر أمّه إن فعل كذا. فمتى فعل ذلك حنث ولزمته الكفارة بما بيّنه الله تعالى في هذا الكتاب. وقوله : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما
__________________
(١) ١٠٧ / طه : ٢٠ ، العوج : المنخفض ، والأمت : المرتفع.
(٢) الكلمة من : م ، ولعلها أصوب.
(٣) النهاية : ٣ / ٣١٦ ، وفيه «سوارين». قاله صلىاللهعليهوسلم لثوبان.
(٤) وقيل : شيء يتخذ من ظهر السّلحفاة البحرية. فأما عاج الفيل فنجس عند الشافعي وطاهر عند أبي حنيفة.
(٥) ديوان الهذليين : ٢ / ١٢٩.
(٦) النهاية : ٣ / ٣١٦ ، وهو لأبي ذر.
(٧) ٢٨ / الأنعام : ٦.
(٨) ٣ / المجادلة : ٥٨.