قالُوا) نحمله على فعل ما حلف له أن لا يفعل ، وذلك كقولهم : حلف فلان ثم عاد إذا فعل. وقال الأخفش : قوله : (لِما قالُوا) يتعلق بقوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)(١) ، وهذا يقوّي القول الأخير. قال : ولزوم هذه الكفّارة ، إذا حنث ، كلزوم الكفارة المبينة في الحلف بالله تعالى. والحنث في قوله : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ)(٢).
قوله : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٣). وقيل : هي مكة. وقيل : المعنى لباعثك. ومنه يقال : فلان يذكر المعاد ، أي المبعث في الآخرة. قوله : (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا)(٤) أي لتصيرنّ. وإنما يؤول بذلك لأنّ شعيبا عليهالسلام لم يكن قطّ على ملّتهم حتى يعود إليها. والعرب تقول : عاد عليّ من فلان مكروه ، يريدون صار منه إليّ ووصل. وقيل : هو على حذف مضاف أي : أو لتعودنّ أصحاب شعيب. وقيل : المخاطب قومه. وفي الحديث : «وددت أنّ هذا اللبن يعود قطرانا» (٥). وأنشد النحويون على كونها بمعنى صار قول الشاعر : [من الطويل]
وربّيته حتى إذا ما تركته |
|
أخا القوم واستعفى عن المسح شاربه |
وبالمحض حتى عاد جورا عنطنطا |
|
إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه |
قوله : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)(٦) أي يخترع من غير مثال ثم يعيد ذلك الذي بدأه من غير إخلال. وإنما قال : (وَيُعِيدُ) بعد قوله : (يُبْدِئُ) وإن كان الإعادة أسهل منبّهة أنه قد يعدل الصانع عن صنعته الأولى فلا يعيد المصنوع على هيئته الأولى. وفي الحديث : «إنّ الله يحبّ الرجل القويّ المبدىء المعيد على الفرس» (٧) المبدىء المعيد قال أبو عبيد : هو الذي أبدأ في غزوة وأعاد ، أي غزا مرة بعد مرة ، وجرّب الأمور فأعاد فيها. قال : فالفرس المبدىء المعيد : هو الذي ريض وأدّب ، والفارس يصرفه كيف شاء. وقيل : هو الذي غزا
__________________
(١) ٩٢ / النساء : ٤ ، وغيرها.
(٢) ٨٩ / المائدة : ٥.
(٣) ٨٥ / القصص : ٢٨.
(٤) ٨٨ / الأعراف : ٧.
(٥) النهاية : ٣ / ٣١٧ ، أي يصير.
(٦) ١٣ / البروج : ٨٥.
(٧) النهاية : ٣ / ٣١٦.