ع ي ش :
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ)(١) هو جمع معيشة ، وهو ما يعاش به من زرع وضرع وغيرهما. والمشهور معايش بالياء صريحة لأنها أصل والميم زائدة (٢). وقد خرج خارجة في همزها ، وهذا كما شذّوا فقالوا : مصائب ومنائر والأصل مصاوب ومناور حملا للأصل على الزائد. ومعيشة قياس عند سيبويه إذ وزنها مفعلة بضمّ العين فقلبت الضمة كسرة لتصحّ الياء ، وشاذّ عند الأخفش إذ الأصل عنده في مثله أن تقرّ الحركة ويغيّر لها الحرف ، هذا إذا قلنا : (وزنها مفعلة بالكسر (٣) فلا شذوذ على المذهبين. وزعم الفراء أنّ عينها) (٤) مفتوحة في الأصل وليس بصواب ؛ إذ لو ان كذلك لقالوا معاشة مثل مقامة ، وهو في الأصل مصدر لعاش أي بقي حيا. ومثلها المعاش والعيش والمعيش. قال تعالى : (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً)(٥) وقال آخر (٦) : [من الرجز]
أشكو إليك شدّة المعيش |
|
وجهد أعوام برين ريشي |
والعيشة بمعناها أيضا قال تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)(٧) وهي في الأصل حالة المعايش. وعائشة : علم مشهور للتفاؤل نحو يعيش ويحيا. قال بعضهم : العيش : الحياة المختصة بالحيوان ، وهو أخصّ من الحياة ، لأن الحياة تقال في الحيوان وفي الباري تعالى وفي الملك ، ومنه قوله عليهالسلام : «لا عيش إلا عيش الآخرة» (٨) كان إذا رأى شيئا من متاع الدّنيا قاله تعليما لنا وتسلية لقلوبنا.
__________________
(١) ١٠ / الأعراف : ٧.
(٢) أكثر القراء على ترك الهمزة في معايش إلا ما روي عن نافع فإنه همزها. وجميع النحويين البصريين يزعمون أن همزها خطأ (اللسان ـ مادة عيش). وقرأها خارجة عن نافع والأعرج بالهمز (مختصر الشواذ : ٤٢).
(٣) وفي م : بالضم.
(٤) ما بين قوسين ساقط من س.
(٥) ١١ / النبأ : ٧٨.
(٦) البيت لرؤبة (التاج ـ عيش) ، وتصويب العجز منه. وفي الأصل :
وجذب أعوام بيض ريش
(٧) ٢١ / الحاقة : ٦٩.
(٨) صحيح البخاري ، الجهاد : ٣٣.