وقيل : هو على بابه بتقدير مضاف ، أي ثواب ربّهم ، وهو أمر مظنون إذ لا يقطعون لأنفسهم بالثواب ، وفيه نظر لأنّ قوله بعد : (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) يعكّر عليه. وأجيب بأنه يحمل مع المقدّر على الظنّ الحقيقيّ مع قوله : (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) على اليقين. واعترض بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز. وأجيب بالتزامه.
قوله : (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها)(١) تنبيه أنهم صاروا في حكم العالمين لفرط طمعهم وأملهم. قوله : (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ)(٢) أي علم. وقيل : على ، لأنه بعد في شكّ. قوله : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ)(٣) أي علم. قوله : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا)(٤) إنّما أكّدوا لئلا يتوهّم عنهم أنهم تجوّزوا بالظنّ عن العلم. قوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)(٥) قال بعضهم : إنّ : (لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) كقوله : (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ)(٦) ومن قدر عليه رزقه فلينفق. وقوله : (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ)(٧).
وعن معاوية أنه أرسل إلى ابن عباس فسأله وقال : كيف يظنّ نبيّ الله ذلك؟ فأجابه بما ذكر. قوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ)(٨) قيل : إنّه استعمل فيه أنّ المستعمل مع الظّنّ الذي هو العلم تنبيها أنّهم اعتقدوا ذلك اعتقادهم للشيء المتيقّن وإن لم يكن ذلك متيقّنا. وكان قائل هذا قد قدّم أنّ الظنّ إذا قوي أو تصوّر بصورة القويّ استعمل معه أنّ المشدّدة وأن المخففة منها ، ومتى ضعف استعمل معه أن المختصّة بالمعدومين من القول والفعل. قلت : ذكر النحاة أنّ أن المخففة لا تقع إلا بعد أفعال اليقين ، وأنّ أن الناصبة لا تقع إلا بعد أفعال الشكّ ، ومتى وقع فعل محتمل للأمرين جاز أن تكون المخففة إن جعلت ذلك الفعل ظنّا ، وينصب الفعل بعدها. وقد قرىء بالوجهين قوله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا
__________________
(١) ٢٤ / يونس : ١٠.
(٢) ٢٨ / القيامة : ٧٥.
(٣) ٢٤ / ص : ٣٨.
(٤) ٣٢ / الجاثية : ٤٥.
(٥) ٨٧ / الأنبياء : ٢١.
(٦) ١٦ / الفجر : ٨٩.
(٧) ١١ / سبأ : ٣٤.
(٨) ٣٩ / القصص : ٢٨.