تَكُونَ فِتْنَةٌ)(١) وأجمعوا على النصب في قوله : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)(٢) وعلى الرفع في قوله : (أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٣).
قوله : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ)(٤) تنبيه أنّ هؤلاء المنافقين هم في حزب الكفّار حيث شبّه ظنّهم بظنّ الجاهلية. قوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ)(٥) أي اعتقدوا اعتقادا كانوا منه في حكم المستيقنين. قوله : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ)(٦) قيل : هو مفسّر بما بعده من قوله : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً)(٧) بدليل قوله تعالى بعده : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ). قوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)(٨)(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٩).
أصل الظنّ مذموم إلا ما استثناه الشارع كما هو مبين في مواضعه. قوله : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)(١٠). أمروا باجتناب الكثير منه حتى لا يصادفوا ذلك البعض منه الذي عسى أن يقع فيه إثم. وأفهم أنّ بعضه ليس بإثم ، وهو ما أذن بالعمل به.
قال بعضهم : إنما جاز استعمال كلّ من الظنّ والعلم في موضع الآخر لعلاقة أنّ كلّا منهما فيه رجحان أحد الطّرفين إمّا جزما ـ وهو العلم ـ وإما تردّدا ـ وهو الظنّ. فمن استعمال العلم بمعنى الظنّ قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)(١١) إذ ليس الوقوف على الاعتقادات يقينا. ومن استعمال العكس قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)
__________________
(١) ٧١ / المائدة : ٥.
(٢) ٢ / العنكبوت : ٢٩.
(٣) ٨٩ / طه : ٢٠.
(٤) ١٥٤ / آل عمران : ٣.
(٥) ٢ / الحشر : ٥٩.
(٦) ٦ / الفتح : ٤٨.
(٧) ١٢ / الفتح : ٤٨.
(٨) ١١٦ / الأنعام : ٦.
(٩) ٣٦ / يونس : ١٠.
(١٠) ١٢ / الحجرات : ٤٩.
(١١) ١٠ / الممتحنة : ٦٠.