معنى ، إلا أن حقيقته إخراج العين من الماء. وقوله تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ)(١) قيل : يستخرجون اللؤلؤ من البحر ، وهو أول من استخرجه. وقيل : معناه يستنبطون له الأعمال العجيبة والأفعال البديعة. وفي زمنه ظهرت الصنائع وتوارثها منهم الناس إلى اليوم. ويقال : فلان يغوص على المشكلات ، أي يستخرجها ويوضحها.
غ ول :
قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ)(٢) الغول هنا : غيبوبة العقل. وأصله إهلاك الشيء من حيث لا يحسّ به. ومنه : اغتاله ، وقتله غيلة : إذا قتله من حيث لا يشعر به. قال السّدّيّ : أي [لا] تغتال عقولهم ، أي لا تذهب بها عكس ما عليه جمهور العلماء من كونها تذهب بالعقل. وقيل : الغول : الصّداع والتّدويم في الرأس ، ولذلك وصف علقمة بن عبدة الخمر بذلك فقال (٣) : [من البسيط]
تشفي الصّداع ولا يؤذيك صالبها |
|
ولا يخالطها في الرأس تدويم |
وقال أبو الهيثم : يقال : غالت الخمر فلانا : إذا شربها فذهبت بعقله أو بصحّة بدنه. قال : والغول : الخيانة ، وكذا الغائلة. وقال ابن عرفة : يقال : غاله واغتاله ، أي ذهب به. وفي عهدة المماليك : «لا داء ولا غائلة» (٤) قال ابن شميل : الغائلة : أن يكون مسروقا ، فإذا استحقّ غال مال مشتريه ، أي أنقده في ثمنه. وإنّما نفى الله تعالى عنها الغول لما نبّه عليه من وصف خمر الدنيا في قوله : (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما)(٥) وبقوله : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله : (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ)(٦) فبيّن انتفاء ذلك عن خمر الآخرة المذكورة في قوله تعالى : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ)(٧) وأمّا خمور الدنيا
__________________
(١) ٨٢ / الأنبياء : ٢١.
(٢) ٤٧ / الصافات : ٣٧.
(٣) الديوان : ٦٩. تدويم : دوار.
(٤) يريد : حديث عهدة المماليك كما في النهاية : ٣ / ٣٩٧.
(٥) ٢١٩ / البقرة : ٢.
(٦) ٩٠ / المائدة : ٥.
(٧) ١٥ / محمد : ٤٧.