وقوله : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)(١) يحتمل الظّفر مع النصر والحكم ، وما يفتح الله به من المعارف ، ومثله قوله : (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ)(٢).
قوله : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) (٣) قيل : هو جمع مفتح ـ بفتح الميم ـ والمراد بها الخزائن نفسها ، والمراد أنّ أحدا لا يتوصّل إلى علم غيبه كقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) الآية (٤). وقيل : هو جمع مفتح ـ بكسر الميم ـ وهو ما يفتح به ، ومثله المفتاح وجمعه مفاتيح. والمراد أنّ الأشياء المتوصّل (٥) بها إلى علم غيبه ... (٦) خاطبهم بما يعرفون. فإن تعذّر عليه فتح باب عجز عن معرفة ما في داخله ، والمعنيان متلازمان.
وقوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٧) أراد الآلة التي يفتح بها ، وقيل : الخزائن أنفسها ، والأول أبلغ لأنه إذا كثرت المفاتيح. فتكثير المفتوح أبلغ. يقال : إنها كانت من جلود ، طول كلّ واحد إصبع حمل ثمانين بغلا ، فهذه المفاتيح ، فناهيك بالأموال.
وقولهم : باب فتح وغلق أي مفتوح لكلّ أحد ومغلق عن كلّ أحد. وروى أبو هريرة عنه صلىاللهعليهوسلم : «من وجد بابا غلقا وجد إلى جانبه بابا فتحا» (٨) قال الهرويّ : قال الأصمعيّ : لم يذهب به إلى المفتوح ولكن السعة. قال أبو عبيد : يعني بالباب الفتح الطلب إلى الله عزوجل والمسألة. وكمّ فتح : أي واسع.
__________________
(١) ١ / النصر : ١١٠.
(٢) ١٣ / الصف : ٦١.
(٣) ٥٩ / الأنعام : ٦.
(٤) ٢٦ و ٢٧ / الجن : ٧٢.
(٥) كذا في النسخة د ، وفي الأخريين : لا يتوصل.
(٦) بياض في النسختين ، وفي د كلمة غير واضحة ورسمها (اسار) ، ولعلها أستار.
(٧) ٧٦ / القصص : ٢٨.
(٨) وفي النهاية (٣ / ٤٠٨) عن أبي الدرداء ، وفيه خلاف.