والفتح في الأصل إزالة الإغلاق والإشكال ، وهو نوعان : أحدهما مدرك بالبصر نحو : فتحك الباب والقفل والمتاع ، كقوله تعالى : (فُتِحَتْ أَبْوابُها)(١)(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ)(٢). والثاني مدرك بالبصيرة كفتح الهمّ وهو إزالة الغمّ ، وذلك ضربان : أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بمنح المال. والثاني فتح ما استغلق من العلم نحو : الشافعيّ فتح بابا مغلقا [من العلم](٣) ، وهذا مقول في قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)(٤) عنى تعالى ما فتحه عليه الصلاة والسّلام من العلوم الإلهيّة والهدايات الدينية التي هي ذرائع إلى نيل أعلى المقامات المحمودة وإصابة الثواب الجزيل وسبب في غفران الذنوب. ولذلك عقّبه بقوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ).
ويعبّر بالفتح عن توسعة الرزق كقوله تعالى : (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ)(٥) وقوله تعالى : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ)(٦) المعنى : لوسّعنا عليهم الرزق ولأقبلنا عليهم بالخيرات من كلّ وجه.
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ)(٧) قيل : معناه إزالة الشّبهة والشكّ الذي كانوا فيه من قيام القيامة ومشاهدة الساعة وأهوالها ، وقيل : ما كانوا يستفتحون من العذاب ويطلبونه ، لأنّ الاستفتاح طلب الفتح.
ويعبّر بالفتح عن الابتداء بالشيء ؛ يقال افتتحت كذا بكذا ، ومنه سميت فاتحة الكتاب للابتداء بها فيه. وفاتحة كلّ شيء مبدؤه الذي يفتح به ما بعده.
__________________
(١) ٧١ / الزمر : ٣٩.
(٢) ٦٥ / يوسف : ١٢.
(٣) إضافة من النسخة د.
(٤) ١ / الفتح : ٤٨.
(٥) ٤ / الأنعام : ٦.
(٦) ٩٦ / الأعراف : ٧.
(٧) ٢٨ / السجدة : ٣٢.