وناقة فتلاء الذراعين أي قويّتهما محكمتهما ، من فتلت الحبل : إذا قويته بفتل طاقاته وقواه بعضها إلى بعض. قال كعب بن زهير (١) : [من البسيط]
عيرانة قذفت بالنّحض عن عرض |
|
مرفقها عن بنات الزّور مفتول |
ويقال إنه اجتمع في النواة أربعة أشياء يضرب بها المثل في القلّة والحقارة ، وقد ذكرت منها ثلاثة في القرآن العزيز : الفتيل ، والنقير وهو النقرة في ظهرها ، والقطمير وهو اللفافة التي على ظهرها ، والتفروق وهو العرق الذي بين القمع والنواة. وفي حديث النجاشيّ : «ولو سألوني تفروقا ما أعطيتهم».
ف ت ن :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)(٢). قيل : معناه حرّقوهم بالنار ، وذلك أنهم لما خدّوا أخاديد في الأرض ملؤوها نارا ، وكانت على أفواه السكك فمن أبى دينهم ألقوه في تلك الحفرة. وأصله من فتنت الفضة : إذا أدخلتها النار ليتمّيز جيدها من رديئها ، ثم أطلق ذلك على الابتلاء والامتحان.
وقوله : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً)(٣) أي ابتليناك بضروب من الاختبارات. وسأل ابن جبير ابن عباس رضي الله عنهم عن ذلك فقال (٤) : ابتلى الأبناء بالذبح فنجا ، فهذه فتنة يا ابن جبير وقتل القبطيّ ونجا ، فهذه فتنة يا ابن جبير والفتون ـ على هذا ـ جمع ، وقيل : بل هو مصدر ، ومثله المفتون في أحد القولين من ذلك.
قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(٥) أي الفتون ، كالمعقول والمجلود والميسور في قولهم : «ليس له معقول ولا مجلود» أي لا عقل ولا جلد. «وانظر إلى ميسوره» أي إلى
__________________
(١) الديوان : ١٢. عيرانة : تشبه العير لصلابتها. بنات الزور : العضلتان ، والزور : عظام الصدر. وفي رواية : «قذفت في اللحم».
(٢) ١٠ / البروج : ٨٥.
(٣) ٤٠ / طه : ٢٠.
(٤) الحديث بكامله أخرجه النسائي في السنن (مختصر تفسير ابن كثير : ١ / ٤٧٥).
(٥) ٦ / القلم : ٦٨.