المطلق والتسلّط التامّ والقهر الغالب فلا اعتراض. وما أضلّ المعتزلة حيث نكثوا عمّا فهم موسى!
والفتنة تكون من الله تعالى بمعنى أنه يبتلي عباده ليشكروا أو يكفروا. ومن العباد أيضا يمتحنون بها أحوال بعضهم بعضا.
قوله : (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ)(١) قيل : معناه يصرفوك كما تقدّم في نظيره ، وقيل : ضمن معنى يخدعوك.
وقوله تعالى : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ)(٢) أي بمضلّين. يقال : فتنه أي أضلّه ، ومنه الحديث : «المسلم أخو المسلم يتعاونان على الفتّان» (٣) يروى بضمّ الفاء على أنه جمع فاتن أي يتعاونان على قتل المضلين ، وبفتحها على أنه مثال مبالغة كضرّاب ، والمراد به الشيطان.
ف ت ي :
قوله : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ)(٤). الفتى : الطريّ من الشبّان ، والأنثى فتاة. يقال : هي بيّن الفتاء ، وأنشد لابن ضبع الفزاريّ (٥) : [من الوافر]
إذا جاء الشتاء فأدفئوني |
|
فإنّ الشيخ يهرمه الشتاء |
إذا عاش الفتى مئتين عاما |
|
فقد ذهب اللذاذة والفتاء |
وجمع الفتى فتية وفتيان ، وعليهما قرىء : (وَقالَ لِفِتْيانِهِ)(٦) ولفتيانه والرسم
__________________
(١) ٤٩ / المائدة : ٥.
(٢) ١٦٢ / الصافات : ٣٧.
(٣) النهاية ؛ ٣ / ٤١٠.
(٤) ٣٦ / يوسف : ١٢.
(٥) البيت الثاني من شواهد شرح المفصل : ٦ / ٢١ من غير عزو والجمهرة : ٣ / ٢١٥ بعزو. والشاعر صحابي هو الربيع بن ضبع الفزاري (الإصابة : ١ / ٥٢٦).
(٦) ٦٢ / يوسف : ١٢. والقراءتان مستفيضتان : فالأولى لحفص وحمزة والكسائي وخلف ، والثانية لغيرهم (معاني القرآن : ٢ / ٤٨ ، وحاشيته).