ف ر ر :
قوله تعالى : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ)(١) أي المهرب ، من : فرّ الرجل يفرّ ، إذا هرب. وهو في الآية الكريمة يحتمل أن يراد به مكان الفرار وزمانه ونفس الفرار ، نحو : المقتل والمضرب. والأصل : مفرر ، وإنّما أدغم.
وأصل الفرّ الكشف ؛ يقال : فررت عن الدابة فرارا : إذا كشفت عن سنّها لتعرف كم عمرها. والافترار : ظهور السنّ من الضّحك. وفرّ عن الحرب فرارا ، وبه سمي الشاعر المشهور فقيل له الفرّار (٢). وقال امرؤ القيس يصف جوادا (٣) : [من الطويل]
مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا |
|
كجلمود صخر حطّه السّيل من عل |
وأفررته : جعلته فارا. ورجل فارّ وفرّ. وقوله : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ)(٤) تنبيه منه صلىاللهعليهوسلم على فرط تعدّيهم ، وأنه بالغ في الهرب منهم ، فالفرار أخصّ من الهرب. وكذا قوله. (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ)(٥) أي امتثال أوامره واجتناب نواهيه. وقد يستوي فيه الواحد المذكر والمثنّى وضدّاهما على قاعدة الوصف بالمصدر ؛ يقال : هذا فرّ ، وهذان فرّ ، وهؤلاء فرّ. وفي حديث سراقة : «هذان فرّ قريش» (٦) يعني النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر. وفي حديث عون (٧) : «ما رأيت أحدا يفرفر الدّنيا فرفرة هذا الأعرج» (٨) يعني أبا حازم ، أي : يمزّقها ويشنّعها بالذمّ لها كما يفرفر الذئب الشاة. وقال ابن عمر لابن عباس رضي الله عنهم : «كان يبلغني عنك أشياء كرهت أن أفرّك عليها» (٩) أي أظاهرك وأكشفها لك ، من فررت الدابة. وفي الحديث : «كان
__________________
(١) ١٠ / القيامة : ٧٥.
(٢) الفرار السّلمي شاعر مخضرم ، واسمه حبان (حيان) بن الحكم ، أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم راية سليم يوم الفتح. شهد حنينا. ورد ذكره في الحماسة : ١٩١ ، والإصابة : ١٥٥١.
(٣) البيت مشهور من معلقته.
(٤) ٢١ / الشعراء : ٢٦.
(٥) ٥٠ / الذاريات : ٥١.
(٦) النهاية : ٣ / ٤٢٧ ، لما خرجا مهاجرين ، يعني : هذان الفرّان.
(٧) هو عون بن عبد الله.
(٨) النهاية : ٣ / ٤٣٧.
(٩) النهاية : ٣ / ٤٢٧ ، وفيه الحديث لعمر.