يقال للصبح فرقان لفرقه بين النور والظلمة ، ولأنه يفرق به بين الأشياء ، ومنه قولهم : قد طلع الفرقان.
والفرقان : كلام الله تعالى في سائر كتبه المنزلة لأنه يفرق بين الحقّ والباطل في الاعتقاد ، والكذب والصدق في المقال ، والصالح والطالح في الأعمال. وهذا المعنى موجود في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً)(١).
قوله تعالى : (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ)(٢) أي تيقّن أو ترجّح عنده أنه ز من مفارقته الدنيا ، وأنه ميت لا محالة ، يعني بذلك المحتضر بدليل تقدّم قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) ، وتأخّر قوله : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)(٣) الآية. والفراق والمفارقة يكونان بالأبدان وبغيرها ولكن بالأبدان أكثر ؛ فيقال : فارقت روحه جسده.
والفرق : شدّة الفزع لأنه يفرق القلب ويشعّبه لما يحصل فيه من الخوف ، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصّدع والشّقّ فيه. ويقال : رجل فروق وفروقة أي كثير الفرق ، وفروقة أبلغ كعلّامة ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ؛ فيقال : امرأة فروق وفروقة. ومنه قيل للناقة النّادّة في الأرض من وجع المخاض : فارق وفارقة ، وبه شبّهت السحابة المنفردة فقيل لها فارق.
والأفرق من الدّيكة : ما عرفه مفروق ، ومن الخيل ما إحدى وركيه أرفع من الأخرى. والفروقة : ـ أيضا ـ شحم الكليتين. والفريقة : تمر يطبخ بحلبة.
قوله تعالى : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ)(٤) أي يظهرون الإيمان بالله ويكفرون بالرسول ، وهذا خلاف ما أمرهم الله به ، فإنه قرن الإيمان به بالإيمان بالله ، فمن كفر برسوله لم يؤمن بالله. فنسأل الله تعالى بمن جعل له هذه الرّتبة أن يمنّ علينا برؤياه في الجنة آمين.
__________________
(١) ٤٨ / الأنبياء : ٢١.
(٢) ٢٨ / القيامة : ٧٥.
(٣) الآيتان ٢٦ و ٢٩ من السورة السابقة.
(٤) ١٥٠ / النساء : ٤.