تجعلون بعض الذي رزقكم الله لله وبعضه لأصنامكم ، فتشركون بين الله وبين الأصنام ، وأنتم لا ترضون لأنفسكم فيمن هو مثلكم بالشركة؟
وقوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ)(١) يعني ما خصّ به الرجل من الفضيلة الذاتية والفضل الذي أعطاه من المكنة والمال والجاه والقوة. وكلّ عطية لا تلزم من تعطى له يقال لها فضل نحو قوله تعالى : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)(٢).
قوله تعالى : (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ)(٣) يصلح أن يتناول أنواع الفضل الثلاثة التي قدّمنا ذكرها .. ومن فسّرها بالإسلام فقصر اللفظ على بعض محامله ، وكذا قوله : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)(٤) وقوله : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ)(٥) في الدنيا والآخرة.
قوله : (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)(٦) أي يكون ذا فضل وعلوّ في المنزلة ، وفي الحديث : «فضل الإزار في النار» (٧) قال المبرد : إنّما أراد معنى الخيلاء ، واستدلّ بقوله في حديث آخر أنه قال : «إياك والمخيلة! قال : وما والمخيلة؟ قال : سبل الإزار» (٨) وأنشد لزهير (٩) : [من الوافر]
يجرّون البرود وقد تمشّت |
|
حميّا الكأس فيهم والغناء |
وأنشد لابن أحمر (١٠) : [من الوافر]
__________________
(١) ٣٤ / النساء : ٤.
(٢) ٣٢ / النساء : ٤.
(٣) ٢٩ / الحديد : ٥٧.
(٤) ٥٨ / يونس : ١٠.
(٥) ٦٤ / البقرة : ٢.
(٦) ٢٤ / المؤمنون : ٢٣.
(٧) النهاية : ٣ / ٤٥٥ ، هو ما يجره الإنسان من إزاره على الأرض على معنى الخيلاء والكبر.
(٨) سنن أبي دؤاد ، لباس : ٢٤. الترمذي ، لباس : ٨.
(٩) شعر زهير : ١٣٥. حميا الكأس : سورتها وصدمتها.
(١٠) شعر ابن أحمر الباهلي : ٧٧.