وقال الهرويّ : انفاضت البئر (١) انهارت. ويحتمل أن يروى بالصاد من : فيص البيضة وهو ما انفلق عنها من قشرها ، ومعناهما بعيد من الحديث.
ف ض ل :
قوله تعالى : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)(٢) قال ابن عرفة : إنّ كلّ من قدم خيرا يلتمس به فضل الله بنيّة أو لسان أو جارحة أعطاه الله فضل ذلك العمل. وقال الأزهريّ : أي من كان ذا فضل في دينه فضّله الله في الآخرة.
وأصل الفضل الزيادة على الاقتصاد ، وذلك ضربان : محمود كفضل العلم والحلم ، ومذموم كفضل الغضب على ما يجب أن يكون. والفضل في المحمود أكثر استعمالا ، والفضول في المذموم. والفضل إذا استعمل لزيادة حسنة أحد الشيئين على الآخر على ثلاثة أضرب : فضل من حيث الجنس كفضل جنس الحيوان على جنس النبات ، وفضل من حيث النوع كفضل الإنسان على غيره من الحيوان ، وفضل من حيث الذات كفضل رجل على آخر ؛ فالأولان جوهريان (٣) لا سبيل للناقص فيهما أن يزيل نقصه وأن يستفيد الفضل ، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يكتسبا الفضيلة التي خصّ بها الإنسان. والفضل الثالث قد يكون عرضيا فيوجد السبيل إلى اكتسابه. ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ)(٤).
قوله تعالى : (لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)(٥) أي ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ، كلّ ذلك يريد به المال وما يكتسب. وقال أبو منصور : المعنى في قوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) أنّ الله فضّل الملّاك على مماليكهم فجعل المملوك لا يقدر على ملك مع مالكه. واعلم أن المالك لا يردّ عن مملوكه من فضل ما في يده شيئا حتى لا يستوي حالهما في الملك ، فأنتم لا تسوّون بينكم وبين مماليككم وكلكم بشر ، فكيف
__________________
(١) الكلمة ساقطة من الأصل ، ومذكورة في د.
(٢) ٣ / هود : ١١.
(٣) في الأصل : جوهران ، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٤) ٧١ / النحل : ١٦.
(٥) ١٢ / الإسراء : ١٧.