قوله تعالى : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)(١) قرىء بالفتح والإسكان ، والمعنى : ما يليق بحاله مقدّرا عليه ، والمعنى أنّه أعطى كلّ شيء ما فيه مصلحته وهداه لما فيه خلاص له إمّا بالتسخير وإمّا بالتعليم كقوله (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)(٢).
والتقدير من الإنسان على وجهين ؛ أحدهما التفكّر في الأمر بحسب نظر العقل وبناء الأمر عليه. والثاني أن يكون بحسب التمنّي والشّهوة وذلك مذموم ، كقوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ)(٣).
وتستعار القدرة والمقدور للجاه والسّعة والمال.
والقدر : وقت الشيء المقدّر له والمكان المقدّر له. قوله : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها)(٤) أي بقدر المكان لأن يسعها. وقرىء «بقدرها» (٥) أي تقديرها.
قوله : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ)(٦) أي معيّنين لوقت قدّروه ، ومثله : (فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)(٧).
وليلة القدر لأنّ الأمور تقدّر فيها وتقضى ، فيسعد فلان ويشقى فلان ويحرم فلان. اللهمّ لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، نسألك بجاه كلامك ونبيّك أن تعطينا أمانك وتمنعنا نقمتك.
قوله : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ)(٨) أي ضيّق عليه ، ومنه اشتقّ الأقدر أي القصير العنق.
__________________
(١) ٢٣٦ / البقرة : ٢.
(٢) ٥٠ / طه : ٢٠.
(٣) ١٨ و ١٩ / المدثر : ٧٤.
(٤) ١٧ / الرعد : ١٣.
(٥) قراءة الحسن والأشهب العقيلي وهارون عن أبي عمرو (مختصر الشواذ : ٦٦).
(٦) ٢٥ / القلم : ٦٨. «على حرد» : على انفراد عن المساكين.
(٧) ١٢ / القمر : ٥٤.
(٨) ٧ / الطلاق : ٦٥.