سنّه وشرعه. قوله : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ) قد تقدّم أنها السابقة ، وقال الأزهريّ : هي المنزلة الرفيعة. وقيل : معناه لهم سابقة في الخير ، أي سبق لهم السعادة في الذكر الأول. ويقال : تفسير القدم في العربية الشيء تقدّمه قدّامك ليكون عدّة لك حتى تقدم عليه. وقال القتيبيّ : عملا صالحا فيما قدّموه. وفي التفسير أنه شفاعة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وفي الحديث : «حتى يضع الرحمن فيها قدمه» (١) يعني في النار. واضطرب الناس في تفسيره ، وأحسن ما قيل فيه ما قاله الحسن البصريّ : حتى يجعل الله فيها الذين قدّمهم من شرار خلقه فهم قدم الله للنار كما أنّ المسلمين قدما للجنة. وقال ثعلب : كلّ ما قدّمت من خير فهو قدم ، وتقدّمت لفلان فيها قدم : أي تقدّم في الخير ، ورجل قدم : إذا كان شجاعا ، ومنه حديث عليّ رضي الله عنه : «غير نكل في قدم ولا واهنا في عزم» (٢). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنّ ابن الزبير مشى القهقرى وأنّ ابن أبي العاص مشى القدميّة» ، وروي «اليقدميّة» (٣) يعني في الشّرف والفضل. وذلك عنى الشاعر بقوله : [من الطويل]
مشى ابن الزبير القهقرى وتقدّمت |
|
أمية حتى أحرزوا القصبات |
أي قصبات السّبق. وفي الحديث «إن إبراهيم ـ على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسّلام ـ اختتن بالقدوم» (٤) يقال : هو مقيل له ، ويقال : قرية بالشام. واستبعد رواية القدوم بمعنى الآلة المعروفة لعسر ذلك عرفا وعدم إمكانه عادة.
وقوله عليه الصلاة والسّلام : «أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي» (٥) أي على أثري. وركب فلان مقاديمه : إذا ركب على وجهه. وقادمة الرّحل ، وقادمة الجناح ، وقادمة الأطباء. ومقدّمة الجيش بفتح الدال وكسرها ـ والقدوم : كلّ ذلك معتبر فيه معنى التقدّم.
__________________
(١) النهاية : ٤ / ٢٥ ، وفيه : «الجبّار».
(٢) النهاية : ٤ / ٢٦ ، وصوبنا اضطراب رسم الحديث منه.
(٣) النهاية : ٤ / ٢٧. في الأصل «التقدمية» والتصويب من النهاية واللسان والهروي.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق ، وليس في الأصل «الذي».