قوله : (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ)(١) القناطير جمع قنطار ، وهو مقدار معروف ، قيل : هو أربعون أوقية ، وقال الحسن : هو ألف دينار ومئتا دينار ، وقيل : ملء مسك ثور ذهبا ، إلى أقوال مختلفة. وقيل : لا حدّ له. وقال الأصفهانيّ : القناطير جمع القنطرة ، وهو من المال ما فيه مقدار عبور الحياة تشبيها بالقنطرة ، وذلك غير محدود القدر في نفسه ، وإنما هو بحسب الإفاضة كالغنى فربّ من يستغني بقليل وآخر لا يستغني بكثير ، وهذا الذي قاله من كون القناطير جمع قنطرة غير صحيح إذ كان ينبغي أن تكون قناطير من غير ياء فأمّا الياء في القناطير فبدل الألف التي في المفرد ، ولا يجوز أن تكون إشباعا ، فإنه ضرورة كقوله (٢) : [من البسيط]
تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة |
|
نفي الدّراهيم تنقاد الصّياريف |
يريد الدراهم والصيارف فأشبع.
قوله : (الْمُقَنْطَرَةِ) أي المجموعة قنطارا قنطارا ، كقولهم : دراهم مدرهمة ، ودنانير مدنّرة ، يقصدون بذلك المبالغة والكثرة. ومن رباعيه قطرب ، وهو دويبّة لا تستريح نهارها بل تدأب سعيا ، وبه سمي الإمام المشهور محمد بن المستنير لدأبه في طلب العلم ، ويا لها منقبة وتلقيبا! (٣).
ق ط ط :
قوله تعالى : (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا)(٤) أي حظّنا ونصيبنا المقطوع لنا وذلك أنّ القطّ القطع ، ومنه قطّ القلم كأنّه قطعة من الرزق.
و «قط» ظرف زمان ماض لا يستعمل إلا منفيا لأنه قطعة من الزمان ، وله أحكام وفيه لغات ؛ فتح القاف ، وضمّها ، مع تشديد الطاء ، وتخفيفها ، وهو نقيض عوض ، فإنه ظرف
__________________
(١) ١٤ / آل عمران : ٣.
(٢) ديوان الفرزدق : ٥٧٠.
(٣) دعاه به أستاذه سيبويه.
(٤) ١٦ / ص : ٣٨.