إشارة إلى الحال ، هو معنى قول القائل : كان زائدة. في العبارة قلق وهذا مراده والله أعلم.
والكون ـ في اصطلاح بعض المتكلمين ـ عبارة عن استحالة جوهر ما إلى ما هو أشرف منه ، ويقابله بالفساد وهو استحالة جوهر ما إلى ما هو دونه ، فيقولون : الكون والفساد. وبعضهم يقول : الكون هو الإبداع. وكينونة مصدر لكان ، واختلفوا في أصلها ؛ فذهب سيبيويه إلى أنّ أصلها كيّنونة ـ بتشديد الياء ـ فخفّف بالحذف ، وأصله كيونونة (١) فأدغمت ، كميّت وأصله ميوت ثم ميّت بالقلب والإدغام ثم ميت بالتخفيف. قال الراغب : ولم يقولوا كيّنونة على الأصل كما قالوا ميّت لثقل لفظها. قلت : قوله : ولم يقولوا يعني في المشهور ، وإلّا فقيل في غيره ، وأنشد (٢) : [من الرجز]
حتى يعود البحر كيّنونه
وذهب غيره من النحاة إلى أن وزنها فعلولة ، والأصل كونونة ، فاستثقلوا واوين مكتنفين ضمة فأبدلوا الأولى ياء. ولترجيح القولين مقام في غير هذا.
قوله تعالى : (مَكاناً شَرْقِيًّا)(٣) قيل : هو من كان يكون ، والأصل مكون فأعلّ كمقام. وقولهم : تمكّن يتمكّن يدلّ على أصالة الميم ، قاله الراغب (٤). ونظيره قولهم : تمسكن من السّكن.
قوله تعالى : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ)(٥) أي : ما ذلّوا وخضعوا. واختلفوا فيه هل هو من «سكن» لأنه ترك الحركة لذلّه وخضوعه ، ووزنه افتعل كاقتدر إلا أنه قد أشبعت الفتحة
__________________
(١) على وزن فيعلولة.
(٢) عجز للنهشلي ، وصدره كما في اللسان ـ مادة كون :
يا ليت أنّا ضمّنا سفينه
(٣) ١٦ / مريم : ١٩.
(٤) المفردات : ٤٤٥.
(٥) ٧٦ / المؤمنون : ٢٣.