وتضمر هي كثيرا وإن بعد لو ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «التمس ولو خاتما من حديد» (١) وقول الآخر (٢) : [من الكامل]
حدبت عليّ بطون ضبّة كلّها |
|
إن ظالما فيهم وإن مظلوما |
ويجب ذلك إن عوّض عنها ما بعد أن ، كقول الشاعر (٣) : [من البسيط]
أبا خراشة إمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع |
ولها أحكام كثيرة لخّصناها فيما رأيت ، وفيه كفاية.
وقال الراغب (٤) : «كان» عبارة عمّا مضى من الزمان ، وفي كثير من وصف الله تعالى تنبىء عن [معنى] الأزلية ، انتهى : يريد نحو قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) وقال أيضا : وما استعمل [منه] في جنس الشيء متعلقا بوصف له وهو موجود فيه فتنبيه [على] أنّ ذلك الوصف لازم له ، قليل الانفكاك عنه ، نحو قوله تعالى في الإنسان : (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)(٥) وقوله تعالى في الشيطان : (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)(٦).
قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) قيل : هي زائدة ، وفيه نظر من حيث إنّ لها اسما وخبرا ، وحملهم على ذلك أنه «كان صبيا» حال هذا الكلام فلم يتحقّق مضيّ ، وجوابه أنّ كان تدلّ على زمن ماض طويلا كان أو قصيرا ؛ فيقال : كان زيد هنا. وإن كان بينكما أدنى زمان ، فقوله : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٧) إشارة إلى عيسى وحالته التي شاهدوه عليها. قال الراغب (٨) : [وليس] قول من قال هذا إشارة إلى الحال بشيء لأنّ ذلك إشارة إلى بعد لكن إلى زمان مراده بالإشارة عود الضمير في «كان» لا الإشارة صناعة. وقوله
__________________
(١) صحيح البخاري ، النكاح : ٣٢.
(٢) البيت للنابغة الذبياني : ١٧٩.
(٣) البيت لعباس بن مرداس كما في الكتاب : ١ / ٢٩٣ ، وشرح المفصل : ٢ / ٩٩. وأبو خراشة كنية خفاف بن ندبة.
(٤) المفردات : ٤٤٤.
(٥) ١٠٠ / الإسراء : ١٧. قتورا : مبالغا في البخل.
(٦) ٢٧ / الإسراء : ١٧.
(٧) ٢٩ / مريم : ١٩.
(٨) تصرف المؤلف في كلام الراغب.