تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(١) ولذلك غلّط ابن السكّيت الناس في تسميتهم الظلّ مطلقا فيئا. ويقال لكلّ موضع لم تصل إليه الشمس : ظلّ. ولا يقال له في قوله تعالى : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ)(٢) أي أفياؤه يدلّ على وحدانية الله وينبىء عن حكمته.
قوله : (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ)(٣). قال الحسن : «أمّا ظلّك فيسجد لله وأمّا أنت فتكفر به» (٤). وقد يعبّر بالظلّ عن الإحسان ، فيقال : أنا ظلّك ، وعن العزّ والمنازعة ، وبه فسّر قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ وَفَواكِهَ)(٥). وظلّله الله وأظلّه : حرسه ومنعه. قال بعضهم : «وظلالهم» ، أي أشخاصهم. والظّلّ : يعبّر به عن الشخص ، قال ذلك بعض اللغويين مستدلّا بقول الشاعر (٦) : [من البسيط]
لما نزلنا رفعنا ظلّ أخبية
قال : وليس ينصبون الظلّ الذي هو الفيء وإنما ينصبون الأخبية. وبقول الآخر (٧) : [من الكامل]
تتبع أفياء الظّلال عشيّة
أي أفياء الشّخوص. قال الراغب : وليس في هذا دلالة فإن قوله : «رفعنا ظلّ أخبية» معناه رفعنا الأخبية فرفعنا بها ظلّها ، فكأنّه يرفع الظلّ. وأما قوله : «أفياء الظّلال» فالظلال عامّ والفيء خاصّ. وقوله : «أفياء الظلال» من إضافة الشيء إلى جنسه. قوله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً)(٨) أي كنيفا مانعا من الحرّ ، وممّا يؤذي أذاه من الغمّ والضيّق.
__________________
(١) ٩ / الحجرات : ٤٩.
(٢) ٤٨ / النحل : ١٦.
(٣) ١٥ / الرعد : ١٣.
(٤) وشبيه به قول ابن عباس : «الكافر يسجد لغير الله وظله يسجد لله» (النهاية : ٣ / ١٦١).
(٥) ٤١ و ٤٢ / المرسلات : ٧٧.
(٦) المفردات : ٣١٥ ، والذي قبله.
(٧) المفردات : ٣١٥ ، والذي قبله.
(٨) ٥٧ / النساء : ٤.