وقيل : هو كناية عن غضارة العيش. وقال ابن عرفة : أي دائما طيبا. يقال : إنّه لفي عيش ظليل ، أي طيّب ، قال جرير (١) : [من الكامل]
ولقد تساعفنا الدّيار ، وعيشنا |
|
لو دام ذاك بما نحبّ ، ظليل |
قوله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)(٢) أي دائم لا تنسخه الشمس. والجنة كلّها ظلّ لا شمس فيها ؛ كما قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يمدحه عليه الصلاة والسّلام (٣) : [من المنسرح].
من قبلها طبت في الظّلال وفي |
|
مستودع حيث يخصف الورق |
يشير إلى أنّه كان عليه الصلاة والسّلام طيّبا في صلب آدم عليه الصلاة والسّلام. وقال أبو بكر : «ظلّ الجنة سترها والكينونة في دارها» (٤) وإلّا فالشمس إنما تتعارف في الدنيا وهي معيار الظلّ باعتبار غيبوبتها وحجبها عن ذلك المكان الذي يوجد فيه الظلّ ولا شمس في الجنة. قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ)(٥) هذه الآية من أشكل الآي في فهمها ، وأحسن ما قيل فيها : إنّ معنى «مدّ الظلّ» أن جعله يبسط ويمشي وينتقل في الأمكنة التي كانت مشمولة بالشمس ، فينتفع به العالم انتفاعا مشاهدا في أبدانهم وزروعهم وثمارهم. ولو بقيت الشمس متسلطة عليهم لأحرقت كلّ ذلك ، وكذا لو لم تطلع عليهم لفسدوا أيضا. قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً)(٦) أي لاصقا بأصل كلّ شاخص مطلّ لم ينبسط ولم ينتقل عن أصل ذلك الشاخص من بناء أو جبل أو شجر ، فلم ينتفع (٧) به ذلك العالم فيما ذكر ، فسمى الله تعالى انبساطه وانتقاله الانتقال المعهود امتدادا وتحرّكا ، وعدم
__________________
(١) الديوان : ٤٧٣ ، وصوّبناه منه.
(٢) ٣٠ / الواقعة : ٥٦.
(٣) البيت في النهاية : ٣ / ١٦٠. وقوله : «من قبلها» أي من قبل نزولك إلى الأرض.
(٤) وفي ح : ذراها.
(٥) ٤٥ / الفرقان : ٢٥.
(٦) تابع الآية السابقة.
(٧) فلم ، ساقطة من س.