ذلك سكونا. قوله : (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً)(١) معناه أن الناس يستدلّون بالشمس وأحوالها في المسير العجيب الذي لا يدخل تحت العقول على أحوال الظلّ في كونه ثابتا في مكان ، وزائلا عن آخر ، ومتّسعا منبسطا ولاصقا متقلصا ، فيثبتون حاجاتهم على حسب ما يريدون. قوله : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا)(٢) معناه : ننسخه بضحى الشمس بأن نطلقها فيسطع نورها أي شعاعها على تلك الأمكنة بالسير الذي قدّرناه فيذهب. قوله : (قَبْضاً يَسِيراً)(٣) أي على مهل وتأن. ولو قبض الظلّ ونسخ دفعة واحدة لتعطّلت منافع الناس وفسدت معايشهم ونباتهم وشجرهم بالشمس والظلّ معا ، فسبحان الحكيم الذي تاهت عقول الحكماء في حكمته. وإنّما شرحت ألفاظ الآية ، وإن المقصود الظلّ لأنه لا يفهم معناها إلا بمجموع كلماتها ، وما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ)(٤) أي عذابه وأمره ، وأمره ، وأمّا ذاته المقدسة فمنزّهة عن الانتقال والحركة. وهي إمّا جمع ظلّة : قطعة من السحاب لأنها تظلّ من تحتها. وقرىء (ظلال) (٥) ، وهو جمع ظلّ أيضا نحو غلبة وغلاب ، وحفرة وحفار. وإما جمع ظلّ المراد به الشخص عند من يرى ذلك ، وقد تقدّم الاستدلال به والجواب عنه. قوله : (مَوْجٌ كَالظُّلَلِ)(٦) فقيل : هي شيء يشبه الظّلمة ، وبها شبّهت الموجة. والأولى أن تكون على بابها ، والتشبيه بها واضح لما فيها من التراكم والتلاحق. قوله : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ)(٧) قرىء «ظلال» جمع ظلّ. وقيل : جمع ظلّة نحو برمة وبرام ، وقد تقدّم. وقرىء «ظلل» (٨) جمع ظلّة ، يعني على التشبيه بما هم من الظّلّ بمن
__________________
(١) ٤٥ / الفرقان : ٢٥.
(٢) ٤٦ / الفرقان : ٢٥.
(٣) تابع الآية السابقة.
(٤) ٢١٠ / البقرة : ٢.
(٥) قرأها قتادة (مختصر الشواذ : ١٣).
(٦) ٣٢ / لقمان : ٣١.
(٧) ٥٦ / يس ٣٦ ، وفي الأصل دمج واضطراب.
(٨) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف.