الْأَسْوَدِ)(١) بخيطين جعلهما في رجله : «إنك لعريض الوساد» (٢) أي كثير النوم ، كنى عن كثرة نومه بعرض وساده. وكبر : كثر نومه. والظاهر أنه أراد عدم الفطنة ، وذلك أنه ورد في رواية أخرى : «عريض القفا» وهذا كناية عن السّمن المفرط ؛ فإنه غالبا يزيل الفطنة. وقيل : معناه : من أكل في صومه مع الصبح أصبح عريض القفا أي سمينا ، لأنّ الصوم لا ينهكه ولا يؤثر فيه. وأنشدت لبعض البدويات في بليد : [من الطويل]
عريض القفا ميزانه في شماله |
|
قد انحصّ من بعض المقاريظ شاربه |
وفي الحديث : «أنّ تجّارا عرّضوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر ثيابا بيضا» (٣) أي أهدوا لهما ذلك. والعراضة : الهديّة أيضا. وفيه أيضا : «خمّروا آنيتكم ولو بعود تعرضونه عليه» (٤) أي تضعونه بالعرض. يقال : عرضه يعرضه ، بالضم في المستقبل. وفي حديث عمر رضي الله عنه : «فادّان معرضا» (٥) المعرض ، قال شمر : هو هنا بمعنى المعترض ، يعني : اعترض لكلّ من يقرضه ؛ يقال : عرض لي الشيء فأعرض ، وتعرّض واعترض بمعنى واحد. قال : ومن فسّره بمعنى الممكن على ما فسّر أبو عبيد فهو بعيد لأنّ معرضا منصوب على الحال ، فإذا فسّر أنه يمكنه فالمعرض هو الذي تعرّض لأنّ هو الممكن. وقال ابن شميل : «فادّان معرضا» أي تعرّض ، إذا قيل له : لا تستدن فلا يقبل. وروى أبو حاتم عن الأصمعيّ أنه قال فيه : أي أخذ الدّين ، ولم يبال ألّا يؤدّيه. وقال القتيبيّ : أي استدان معرضا عن الأداء ، وهو قول أبي حاتم. وعندي أن كلام أبي عبيد صحيح لأنّ هذا المستدين قد يكون ادّان وهو مليء ممكّن ، وهو ممّا يلام عليه الإنسان. والمستدين رجل عيّر عمر رضي الله عنه. وفي حديث محمد بن عليّ : «كل الجبن عرضا» (٦) قال أبو عبيد : أي اعترضه واشتره ممن وجدته ولا تسأل عمّن عمله ؛ أعمل مسلم أم غيره؟ وهذا قصد به رضي الله عنه : الأخذ بالظاهر ، وأنّ السؤال قد يؤدي إلى محاذير لا بدّ من تعاطيها ، مأخوذ من عرض الشيء وهو
__________________
(١) ١٨٧ / البقرة : ٢.
(٢) النهاية : ٣ / ٢١٠ ، وفيه : «إن وسادك لعريض». وفي رواية : «إنك لعريض القفا» وهو عديّ بن حاتم.
(٣) النهاية : ٣ / ٢١٥.
(٤) النهاية : ٣ / ٢١٥ ، وفي الأصل : « ... تضعه عليه» أي تضعه ، والتصويب منه.
(٥) النهاية : ٣ / ٢١٥ ، وفي الأصل : معرض. وهو حديث عمر عن أسيفع جهينة.
(٦) النهاية : ٣ / ٢١٠. ويعني ابن الحنفية.