(ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ) (١٥)
القبر بعد الإحياء للسؤال ، والإحياء الأول إحياؤه في قبره (١) بعد موته للسؤال ، والثاني للبعث (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) لما رأوا الإماتة والإحياء قد تكرّرا عليهم علموا أنّ الله قادر على الإعادة كما هو قادر على الإنشاء ، فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ) من النار. أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطيء لنتخلّص (مِنْ سَبِيلٍ) قطّ أم اليأس واقع دون ذلك ، فلا خروج ولا سبيل إليه؟ وهذا كلام من غلب عليه اليأس وإنما يقولون ذلك تحيّرا ، ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله :
١٢ ـ (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) أي ذلكم الذي أنتم فيه ، وأن لا سبيل لكم إلى خروج قط بسبب كفركم بتوحيد الله وإيمانكم بالإشراك به (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) حيث حكم عليكم بالعذاب السّرمد (الْعَلِيِ) شأنه ، فلا يردّ قضاؤه (الْكَبِيرِ) العظيم سلطانه ، فلا يحدّ جزاؤه ، وقيل كأن الحروريّة أخذوا قولهم : لا حكم إلّا لله من هذا. وقال قتادة : لما خرج أهل حروراء قال علي رضي الله عنه : من هؤلاء؟ قيل المحكّمون. أي يقولون : لا حكم إلا الله ، فقال علي رضي الله عنه : كلمة حقّ أريد بها باطل.
١٣ ـ (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ) من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ) وبالتخفيف مكي وبصري (رِزْقاً) مطرا ؛ لأنه سبب الرزق (وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) وما يتّعظ وما يعتبر بآيات الله إلا من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله ، فالمعاند (٢) لا يتذكّر ولا يتّعظ ، ثم قال للمنيبين :
١٤ ـ (فَادْعُوا اللهَ) فاعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) من الشرك (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) وإن عاب (٣) ذلك أعداؤكم ممن ليس على دينكم.
١٥ ـ (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ) ثلاثة أخبار لقوله هو مرتبة على
__________________
(١) في (ظ) و (ز) القبر.
(٢) في (ظ) و (ز) فإن المعاند.
(٣) في (ظ) و (ز) غاظ.