يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ) (٢١)
(يُطاعُ) أي يشفع ، وهو مجاز (١) لأنّ الطاعة حقيقة لا تكون إلا لمن فوقك ، والمراد نفي الشفاعة والطاعة كما في (٢) : ولا ترى الضّبّ بها ينجحر. يريد نفي الضّبّ وانجحاره ، وإن احتمل اللفظ انتفاء الطاعة دون الشفاعة ، فعن الحسن : والله ما يكون لهم شفيع البتة.
١٩ ـ (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) مصدر بمعنى الخيانة كالعافية بمعنى المعافاة ، والمراد استراق النظر إلى ما لا يحلّ (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) وما تسرّه من أمانة أو خيانة ، وقيل هو أن ينظر إلى أجنبية بشهوة مسارقة ، ثم يتفكّر بقلبه في جمالها ولا يعلم بنظرته وفكرته من بحضرته والله يعلم ذلك كلّه ، ويعلم خائنة الأعين خبر من أخبار هو في قوله : هو الذي يريكم آياته. مثل يلقي الرّوح ، ولكن يلقي الرّوح قد علّل بقوله : لينذر يوم التلاق ، ثم استطرد ذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله : ولا شفيع يطاع فبعد لذلك عن أخواته.
٢٠ ـ (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) أي والذي هذه صفاته لا يحكم إلا بالعدل (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) وآلهتهم لا يقضون بشيء ، وهذا تهكّم بهم لأنّ ما لا يوصف بالقدرة لا يقال فيه يقضي أو لا يقضي. تدعون نافع (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) تقرير لقوله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ووعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون ويبصر ما يعملون ، وأنه يعاقبهم عليه ، وتعريض بما يدعون من دون الله (٣) ، وأنها لا تسمع ولا تبصر.
٢١ ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) أي آخر أمر الذين كذّبوا الرسل من قبلهم (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) هم فصل ، وحقّه أن يقع بين معرفتين إلّا أنّ أشدّ منهم ضارع المعرفة في أنه لا يدخله الألف واللام ،
__________________
(١) في (ز) مجاز عن الطاعة.
(٢) في (ظ) و (ز) كما في قوله. والقول شطر بيت سبق الاستشهاد به في ٣ / ١٥١.
(٣) في (ز) من دونه.