(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٢٥) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) (٢٦)
فأجري مجراه. منكم شامي (وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) أي حصونا وقصورا (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) عاقبهم بسبب ذنوبهم (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) ولم يكن لهم شيء يقيهم من عذاب الله.
٢٢ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) أي الأخذ بسبب أنهم (كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌ) قادر على كلّ شيء (شَدِيدُ الْعِقابِ) إذا عاقب.
٢٣ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) التسع (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) وحجة ظاهرة.
٢٤ ـ (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا) هو (ساحِرٌ كَذَّابٌ) فسمّوا السلطان المبين سحرا وكذبا.
٢٥ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِ) بالنبوة (مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولا (وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) للخدمة (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) ضياع ، يعني أنهم باشروا قتلهم أولا فما أغنى عنهم ، ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه ، فما يغني عنهم هذا القتل الثاني ، وكان فرعون قد كفّ عن قتل الولدان ، فلما بعث موسى عليهالسلام وأحسّ بأنه قد وقع أعاده عليهم غيظا وظنا منه أنه يصدّهم بذلك عن مظاهرة موسى عليهالسلام ، وما علم أنّ كيده ضائع في الكرّتين جميعا.
٢٦ ـ (وَقالَ فِرْعَوْنُ) لملئه (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) كان إذا همّ بقتله كفّوه بقولهم : ليس بالذي تخافه وهو أقلّ من ذلك ، وما هو إلا ساحر ، وإذا قتلته أدخلت الشبهة على الناس واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجّة ، والظاهر أنّ فرعون قد استيقن أنه نبيّ وأنّ ما جاء به آيات وما هو بسحر ، ولكن كان فيه خبّ (١) وكان قتّالا
__________________
(١) الخبّ : الخدّاع والخداع والخبث والغش (القاموس ١ / ٥٩).