(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ) (٣٧)
مسرف وهو جمع معنى وموحّد لفظا فحمل البدل على معناه ، والضمير الراجع إليه على لفظه ، ويجوز أن يرفع الذين على الابتداء ، ولا بدّ في هذا الوجه من حذف مضاف يرجع إليه الضمير في كبر تقديره جدال الذين يجادلون كبر مقتا (عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) قلب بالتنوين أبو عمرو ، وإنما وصف القلب بالتكبّر والتجبّر لأنه منبعهما كما تقول : سمعت الأذن وهو كقوله : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (١) وإن كان الآثم هو الجملة.
٣٦ ـ (وَقالَ فِرْعَوْنُ) تنويها (٢) على قومه أو جهلا منه (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) قصرا (٣). وقيل الصرح : البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بعد ، ومنه يقال : صرح الشيء إذا ظهر (لَعَلِّي) وبفتح الياء حجازي وشامي وأبو عمرو (أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) ثم أبدل منها تفخيما لشأنها وإبانة أنه يقصد أمرا عظيما.
٣٧ ـ (أَسْبابَ السَّماواتِ) أي طرقها وأبوابها وما يؤدي إليها ، وكلّ ما أدّاك إلى شيء فهو سبب إليه كالرّشاء ونحوه (فَأَطَّلِعَ) بالنصب حفص على جواب الترجّي تشبيها للترجّي بالتمني ، وغيره بالرفع عطفا على أبلغ (إِلى إِلهِ مُوسى) والمعنى فأنظر إليه (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) أي موسى (كاذِباً) في قوله له إله غيري (وَكَذلِكَ) ومثل ذلك التزيين وذلك الصدّ (زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) المستقيمة. وبفتح الصاد غير كوفي ويعقوب (٤) ، أي غيره صدا ، أو هو بنفسه صدودا والمزيّن الشيطان بوسوسته كقوله : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) (٥) أو الله تعالى ، ومثله : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) (٦) (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) خسران وهلاك.
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٢٨٣.
(٢) في (ظ) و (ز) تمويها.
(٣) في (ظ) و (ز) أي صرحا.
(٤) في (ظ) و (ز) كوفي ويعقوب ، والصواب ما أثبتناه من (أ) وهو يتفق مع القراءات.
(٥) النمل ، ٢٧ / ٢٤. العنكبوت ، ٢٩ / ٣٨.
(٦) النمل ، ٢٧ / ٤.