(وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (٣٨) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (٤٠) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (٤٢)
٣٨ ـ (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ) اتبعوني في الحالين مكي ويعقوب وسهل (أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) وهو نقيض الغيّ ، وفيه تعريض شبيه بالتصريح أنّ ما عليه فرعون وقومه سبيل الغيّ. أجمل أولا ، ثم فسر فافتتح بذمّ الدنيا وتصغير شأنها بقوله :
٣٩ ـ (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) تمتع يسير ، فالإخلاد إليها أصل الشرّ ومنبع الفتن ، وثنّى بتعظيم الآخرة وبيّن أنها هي الوطن والمستقرّ بقوله (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ).
ثم ذكر الأعمال سيئها وحسنها وعاقبة كلّ منهما ليثبّط عما يتلف وينشّط لما يزلف بقوله :
٤٠ ـ (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) يدخلون مكي وبصري ويزيد وأبو بكر.
ثم وازن بين الدعوتين دعوته إلى دين الله الذي ثمرته الجنات ، ودعوتهم إلى اتخاذ الأنداد الذي عاقبته النار بقوله :
٤١ ـ (وَيا قَوْمِ ما لِي) وبفتح الياء حجازي وأبو عمرو (أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ) أي الجنة (وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ).
٤٢ ـ (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ) هو بدل من تدعونني الأول يقال : دعاه إلى كذا ودعاه له ، كما يقال هداه إلى الطريق وهداه له (وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) أي بربوبيّته ، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كأنه قال : وأشرك به ما ليس بإله وما ليس بإله كيف يصحّ أن يعلم إلها (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) وهو الله سبحانه وتعالى ، وتكرير النداء لزيادة التنبيه لهم والإيقاظ عن سنة الغفلة ، وفيه أنهم قومه وأنه