(لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (٤٦)
من آل فرعون ، وجيء بالواو في النداء الثالث دون الثاني ، لأنّ الثاني داخل على كلام هو بيان للمجمل وتفسير له بخلاف الثالث.
٤٣ ـ (لا جَرَمَ) عند البصريين لا ردّ لما دعاه إليه قومه وجرم فعل بمعنى حقّ وأنّ مع ما في حيزه فاعله أي حقّ ووجب بطلان دعوته (أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) معناه أنّ ما تدعونني إليه ليس له دعوة إلى نفسه قط ، أي من حقّ المعبود بالحقّ أن يدعو العباد إلى طاعته وما تدعون إليه وإلى عبادته لا يدعو هو إلى ذلك ، ولا يدّعي الربوبية ، أو معناه ليس له استجابة دعوة في الدنيا وفي الآخرة (١) ، أو دعوة مستجابة ، جعلت الدعوة التي لا استجابة لها ولا منفعة كلا دعوة ، أو سمّيت الاستجابة باسم الدعوة كما سمّي الفعل المجازى عليه بالجزاء في قوله : كما تدين تدان (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) وأن رجوعنا إليه (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ) المشركين (٢) (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ).
٤٤ ـ (فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ) أي من النصيحة عند نزول العذاب (وَأُفَوِّضُ) وأسلّم (أَمْرِي) وبفتح الياء مدني وأبو عمرو (إِلَى اللهِ) لأنهم توعّدوه (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) بأعمالهم ومآلهم.
٤٥ ـ (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) شدائد مكرهم وما همّوا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم ، وقيل إنه خرج من عندهم هاربا إلى جبل فبعث قريبا من ألف في طلبه فمنهم من أكلته السباع ، ومن رجع منهم صلبه فرعون (وَحاقَ) ونزل (بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ).
٤٦ ـ (النَّارُ) بدل من سوء العذاب أو خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل : ما سوء العذاب؟ فقيل هو النار ، أو مبتدأ خبره (يُعْرَضُونَ عَلَيْها) وعرضهم عليها إحراقهم
__________________
(١) في (ز) ولا في الآخرة.
(٢) في (ز) وأن المشركين.