(مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ) (٢٢)
يوسع رزق من يشاء إذا علم مصلحته فيه ، في الحديث : (إنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك ، وإنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك) (١) (وَهُوَ الْقَوِيُ) الباهر القدرة الغالب على كلّ شيء (الْعَزِيزُ) المنيع الذي لا يغلب.
٢٠ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) سمّي ما يعمله العامل مما يبغي (٢) به الفائدة حرثا مجازا (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) بالتوفيق في عمله ، أو التضعيف في حسناته (٣) ، أو بأن ينال به الدنيا والآخرة (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا) أي من كان عمله للدنيا ولم يؤمن بالآخرة (نُؤْتِهِ مِنْها) أي شيئا منها ، لأنّ من للتبعيض ، وهو رزقه الذي قسم له لا ما يريده ويبتغيه (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) وما له نصيب قط في الآخرة (٤) ، ولم يذكر في عوامل (٥) الآخرة أنّ رزقه المقسوم يصل إليه للاستهانة بذلك إلى جنب ما هو بصدده من زكاء عمله وفوزه في المآب.
٢١ ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) قيل هي أم المنقطعة ، وتقديره بل ألهم شركاء ، وقيل هي المعادلة لألف الاستفهام ، وفي الكلام إضمار تقديره أيقبلون ما شرع الله من الدّين أم لهم آلهة (شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) أي لم يأمر به (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء ، أو (٦) ولو لا العدة بأنّ الفصل يكون يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين الكافرين والمؤمنين ، أو لعجّلت لهم العقوبة (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وإنّ المشركين لهم عذاب أليم في الآخرة وإن أخّر عنهم في دار الدنيا.
٢٢ ـ (تَرَى الظَّالِمِينَ) المشركين في الآخرة (مُشْفِقِينَ) خائفين (مِمَّا
__________________
(١) استشهد به في الآية ٦٢ من سورة العنكبوت.
(٢) في (ظ) و (ز) يبتغي.
(٣) في (ظ) و (ز) إحسانه.
(٤) زاد في (ز) وله في الدنيا نصيب.
(٥) في (ظ) و (ز) عامل.
(٦) في (ظ) و (ز) أي.