ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (٢٣)
(كَسَبُوا) من جزاء كفرهم (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) نازل بهم لا محالة أشفقوا أو لم يشفقوا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) كأن روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) عند نصب بالظرف لا بيشاؤون (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) على العمل القليل.
٢٣ ـ (ذلِكَ) أي الفضل الكبير (الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ) يبشر مكي وأبو عمرو وحمزة وعليّ (عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي به عبادة (١) فحذف الجار ، كقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (٢) ثم حذف الراجع إلى الموصول كقوله : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (٣) ولما قال المشركون : أيبتغي محمد على تبليغ الرسالة أجرا نزل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على التبليغ (أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يجوز أن يكون استثناء متصلا أي لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا ، وهو أن تودّوا أهل قرابتي ، ويجوز أن يكون منقطعا ، أي لا أسألكم أجرا قط ، ولكني أسألكم أن تودّوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم ، ولم يقل إلا مودة القربى أو المودة للقربى لأنهم جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها ، كقولك لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم حبّ شديد ، تريد أحبّهم وهم مكان حبّي ومحله ، وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت إلا المودة للقربى إنما هي متعلقة بمحذوف تعلّق الظرف به في قولك المال في الكيس ، وتقديره إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها ، والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة ، والمراد في أهل القربى ، وروي أنه لما نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتكم هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : (علي وفاطمة وابناهما) (٤) وقيل معناه إلّا أن تودّوني لقرابتي فيكم ، ولا تؤذوني ، ولا تهيّجوا عليّ ، إذ لم يكن من بطون قريش إلّا بين رسول الله وبينهم قرابة (٥) ، وقيل القربى التقرّب إلى الله تعالى ، أي إلّا أن تحبوا
__________________
(١) زاد في (ز) الذين آمنوا.
(٢) الأعراف ، ٧ / ١٥٥.
(٣) الفرقان ، ٢٥ / ٤١.
(٤) الطبراني وابن أبي حاتم والحاكم في مناقب الشافعي.
(٥) أصله في البخاري عن ابن عباس وفيه : لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة. وذكر الطبري اختلاف أهل التأويل في هذه الآية وذكر أقوالهم وأدلتهم.