(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (٢٥)
الله ورسوله في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) يكتسب طاعة ، عن السّدّي : أنها المودة في آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ، ومودته فيهم ، والظاهر العموم في أي حسنة كانت إلّا أنها تتناول المودة تناولا أوليا لذكرها عقيب ذكر المودة في القربى (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) أي نضاعفها ، كقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) (١) وقرىء حسنى ، وهو مصدر كالبشرى ، والضمير يعود إلى الحسنة أو إلى الجنة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمن أذنب بطوله (شَكُورٌ) لمن أطاع بفضله ، وقيل قابل للتوبة حامل عليها ، وقيل الشكور في صفة الله تعالى عبارة عن الاعتداد بالطاعة وتوفية ثوابها والتفضّل على المثاب.
٢٤ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أم منقطعة ، ومعنى الهمزة فيه التوبيخ ، كأنه قيل : أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء ، ثم إلى الافتراء على الله الذي هو أعظم الفرى وأفحشها (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) قال مجاهد : أي يربط على قلبك بالصبر على أذاهم وعلى قولهم افترى على الله كذبا لئلا تدخله مشقة بتكذيبهم (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) أي الشرك ، وهو كلام مبتدأ غير معطوف على يختم ، لأن محو الباطل غير متعلق بالشرط بل هو وعد مطلق دليله تكرار اسم الله تعالى ، ورفع ويحقّ ، وإنما سقطت الواو في الخط كما سقطت في (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) (٢) و (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (٣) على أنها مثبتة في مصحف نافع (وَيُحِقُّ الْحَقَ) ويظهر الإسلام ويثبته (بِكَلِماتِهِ) بما أنزل من كتابه على لسان نبيّه عليهالسلام ، وقد فعل الله ذلك ، فمحا باطلهم وأظهر الإسلام (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي عليم بما في صدرك وصدورهم ، فيجري الأمر على حسب ذلك.
٢٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) يقال : قبلت منه الشيء إذا أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ، ويقال : قبلته عنه أي عزلته عنه وأبنته عنه ، والتوبة أن يرجع عن
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٢٤٥.
(٢) الإسراء ، ١٧ / ١١.
(٣) العلق ، ٩٦ / ١٨.