(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (٣٥) فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (٣٨)
٣٤ ـ (أَوْ يُوبِقْهُنَ) يهلكهنّ ، فهو عطف على يسكن ، والمعنى إن يشأ يسكن الريح فيركدن أو يعصفها فيغرقن بعصفها (بِما كَسَبُوا) من الذنوب (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) منها ، فلا يجازي عليها ، وإنما أدخل العفو في حكم الإيباق حيث جزم جزمه ، لأن المعنى أو إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم.
٣٥ ـ (وَيَعْلَمَ) بالنصب عطف على تعليل محذوف تقديره لينقم (١) منهم ويعلم (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا) أي في إبطالها ودفعها ، ويعلم مدني وشامي على الاستئناف (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) مهرب من عذابه.
٣٦ ـ (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ) من الثواب (خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ما الأولى ضمّنت معنى الشرط فجاءت الفاء في جوابها بخلاف الثانية ، نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تصدّق بجميع ماله فلامه الناس.
٣٧ ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) عطف على الذين آمنوا ، وكذا ما بعده (كَبائِرَ الْإِثْمِ) أي الكبائر من هذا الجنس ، كبير الإثم عليّ وحمزة ، وعن ابن عباس : كبير الإثم هو الشرك (وَالْفَواحِشَ) قيل ما عظم قبحه فهو فاحشة كالزنا (وَإِذا ما غَضِبُوا) من أمور دنياهم (هُمْ يَغْفِرُونَ) أي هم الأخصّاء بالغفران في حال الغضب والمجيء بهم ، وإيقاعه مبتدأ وإسناد يغفرون إليه لهذه الفائدة ، ومثله هم ينتصرون.
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) نزلت في الأنصار دعاهم الله عزوجل للإيمان به وطاعته فاستجابوا له بأن آمنوا به وأطاعوه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) وأتموا الصلوات الخمس (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) أي ذو شورى لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه ، وعن الحسن : ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم (٢). والشورى مصدر كالفتيا بمعنى
__________________
(١) في (ظ) و (ز) لينتقم.
(٢) ابن أبي شيبة ، والبخاري في الأدب ، وعبد الله بن أحمد في زيادات الزهد.