(وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٣٢) إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٣٣)
كسبت خبره من غير تضمين معنى الشرط ، ومن أثبت الفاء فعلى تضمين معنى الشرط. وتعلّق بهذه الآية من يقول بالتناسخ (١) وقال : لو لم يكن للأطفال حالة كانوا عليها قبل هذه الحالة لما تألّموا ، وقلنا : الآية مخصوصة بالمكلّفين بالسباق والسياق وهو (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) أي من الذنوب فلا يعاقب عليه ، أو عن كثير من الناس فلا يعاجلهم بالعقوبة ، وقال ابن عطاء : من لم يعلم أنّ ما وصل إليه من الفتن والمصائب باكتسابه ، وأنّ ما عفا عنه مولاه أكثر كان قليل النظر في إحسان ربّه إليه ، وقال محمد ابن حامد (٢) : العبد ملازم للجنايات في كلّ أوان وجناياته في طاعته أكثر من جناياته في معاصيه ، لأن جناية المعصية من وجه وجناية الطاعة من وجوه ، والله يطهّر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ليخفّف عنه أثقاله في القيامة ، ولو لا عفوه ورحمته لهلك في أول خطوة ، وعن علي رضي الله تعالى عنه : هذه أرجى آية للمؤمنين في القرآن لأنّ الكريم إذا عاقب مرة لا يعاقب ثانيا وإذا عفا لا يعود.
٣١ ـ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي بفائتين ما قضي عليكم من المصائب (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) من (٣) متول بالرحمة (وَلا نَصِيرٍ) ناصر يدفع عنكم العذاب إذا حلّ بكم.
٣٢ ـ (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) جمع جارية وهي السفينة ، الجواري في الحالين مكي وسهل ويعقوب ، وافق (٤) مدني وأبو عمر في الوصل (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) كالجبال.
٣٣ ـ (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) الرياح مدني (فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ) ثوابت لا تجري (عَلى ظَهْرِهِ) على ظهر البحر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ) على بلائه (شَكُورٍ) لنعمائه ، أي لكلّ مؤمن مخلص ، فالإيمان نصفان ، نصف شكر ونصف صبر ، أو صبّار على طاعته شكور لنعمته.
__________________
(١) التناسخ : انتقال أرواح الموتى إلى أجساد جديدة وهو على مراتب.
(٢) محمد بن حامد ، أبو عبد الله الحامدي شاعر وأديب من أعيان خوارزم غير معروف تاريخ ولادته ، توفي نحو ٤٠٥ ه (الأعلام ٦ / ٧٧).
(٣) ليس في (ظ) و (ز) من.
(٤) في (ز) وافقهم.