اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ (٤٨) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٥٠)
(يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) إلى النجاة.
٤٧ ـ (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ) أي أجيبوه إلى ما دعاكم إليه (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) أي يوم القيامة (لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) من يتصل بلا مردّ أي لا يردّه الله بعد ما حكم به ، أو بيأتي أي من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على ردّه (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) أي ليس لكم مخلّص من العذاب ولا تقدرون أن تنكروا شيئا مما اقترفتموه ودوّن في صحائف أعمالكم ، والنكير الإنكار.
٤٨ ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن الإيمان (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) رقيبا (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) ما عليك إلا تبليغ الرسالة وقد فعلت (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ) المراد الجمع (١) (مِنَّا رَحْمَةً) نعمة وسعة وأمنا وصحة (فَرِحَ بِها) بطر لأجلها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) بلاء كالمرض والفقر ونحوهما. وتوحيد فرح باعتبار اللفظ ، والجمع في وإن تصبهم باعتبار المعنى (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بسبب معاصيهم (فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) ولم يقل فإنه كفور ليسجل على أنّ هذا الجنس موسوم بكفران النّعم كما قال : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٢) والكفور البليغ الكفران ، والمعنى أنه يذكر البلاء وينسى النّعم ويغمطها ، قيل أريد به كفران النعمة ، وقيل أريد به الكفر بالله تعالى.
٤٩ ـ ٥٠ ـ (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) أي يقرنهم (ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) لمّا ذكر إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدّها أتبع ذلك أنّ له تعالى الملك ، وأنه يقسم النعمة والبلاء كيف أراد ، ويهب لعباده من الأولاد ما يشاء ، فيخص بعضا
__________________
(١) في (ظ) و (ز) زاد : لا الواحد.
(٢) إبراهيم ، ١٤ / ٣٤.