(وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٢٤)
أي الفريقين أنت (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) بئس ما يقضون إذ حسبوا (١) أنهم كالمؤمنين ، فليس من أقعد على بساط الموافقة كمن أقعد في (٢) مقام المخالفة بل نفرّق بينهم فنعلي المؤمنين ونخزي الكافرين.
٢٢ ـ (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) ليدلّ على قدرته (وَلِتُجْزى) معطوف على هذا المعلّل المحذوف (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
٢٣ ـ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) أي هو مطواع لهوى النفس يتّبع ما يدعوه (٣) إليه ، فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) منه باختياره الضلال ، أو أنشأ فيه فعل الضلال على علم منه بذلك (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ) فلا يقبل وعظا (وَقَلْبِهِ) فلا يعتقد حقا (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) فلا يبصر عبرة ، غشوة حمزة وعليّ (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) من بعد إضلال الله إياه (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) بالتخفيف حمزة وعلي وحفص ، وغيرهم بالتشديد ، فأصل الشر متابعة الهوى والخير كلّه في مخالفته فنعم ما قال (٤) :
إذا طلبتك النفس يوما بشهوة |
|
وكان إليها للخلاف طريق |
فدعها وخالف ما هويت فإنما |
|
هواك عدوّ والخلاف صديق |
٢٤ ـ (وَقالُوا ما هِيَ) أي ما الحياة ، لأنهم وعدوا حياة ثانية (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) التي نحن فيها (نَمُوتُ وَنَحْيا) نموت نحن ونحيا ببقاء أولادنا ، أو يموت بعض ويحيا بعض ، أو نكون مواتا نطفا في الأصلاب ونحيا بعد ذلك ، أو يصيبنا الأمران الموت والحياة ، يريدون الحياة في الدنيا والموت بعدها وليس وراء ذلك حياة ، وقيل هذا كلام من يقول بالتناسخ ، أي يموت الرجل ثم تجعل روحه في موات فيحيا به (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) كانوا يزعمون أنّ مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس
__________________
(١) في (ز) إذا حسبوا.
(٢) في (ز) على.
(٣) في (ظ) و (ز) تدعوه.
(٤) لم أصل إليه.