(وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧)
ووالداه وبنوه وبناته غير أبي بكر رضي الله عنهم (الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) في الدنيا.
١٧ ـ (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) مبتدأ خبره أولئك الذين حقّ عليهم القول ، والمراد بالذي قال الجنس القائل ذلك القول ، ولذلك وقع الخبر مجموعا ، وعن الحسن : هو في الكافر العاقّ لوالديه المكذّب بالبعث ، وقيل نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر (١) رضي الله عنه قبل إسلامه ، ويشهد لبطلانه كتاب معاوية (٢) إلى مروان (٣) ليأمر الناس بالبيعة ليزيد (٤) ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر لقد جئتم بها هرقلية ، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان : يا أيها الناس هذا الذي قال الله تعالى فيه : والذي قال لوالديه أف لكما. فسمعت عائشة رضي الله عنها فغضبت وقالت : والله ما هو به ولو شئت أن أسميه لسميته ولكنّ الله تعالى لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله (٥) ، أي قطعة (أُفٍّ لَكُما) مدني وحفص ، أفّ مكي وشامي ، أفّ غيرهم وهو صوت إذا صوّت به الإنسان علم أنه متضجر كما إذا قال حسّ علم أنه متوجّع ، واللام للبيان أي هذا التأفيف لكما خاصة ولأجلكما دون غيركما (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أن أبعث وأخرج من الأرض (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) ولم يبعث منهم أحد (وَهُما) أبواه (يَسْتَغِيثانِ اللهَ) يقولان الغياث بالله منك ومن قولك ، وهو استعظام لقوله ، ويقولان له (وَيْلَكَ) دعاء عليه بالثبور ، والمراد به الحثّ والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك (آمِنْ) بالله وبالبعث (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث (حَقٌ) صدق (فَيَقُولُ) لهما
__________________
(١) عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، صحابي ابن صحابي ، كان من أشجع قريش ، شاعرا ، حضر اليمامة وشهد غزو إفريقية وحضر وقعة الجمل ، ولد قبل الإسلام وتوفي عام ٥٣ ه (الأعلام ٣ / ٣١١).
(٢) معاوية بن أبي سفيان ، مؤسس الدولة الأموية في الشام أسلم يوم فتح مكة ولد عام ٢٠ ق. ه. اختلف مع الإمام علي على دم سيدنا عثمان ، تسلم الخلافة عام ٤١ ه وفي عهده بلغت فتوحاته المحيط الأطلسي توفي عام ٦٠ ه (الأعلام ٧ / ٢٦١).
(٣) مروان : هو مروان بن الحكم بن أبي العاص ، أول من ملك من بني أمية وإليه ينسب بنو مروان ولد بمكة عام ٢ ه ونشأ بالطائف وتوفي عام ٦٥ ه (الأعلام ٧ / ٢٠٧).
(٤) يزيد : هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ولد عام ٢٥ ه ، ولي الخلافة عام ٦٠ ه وفي عهده استشهد الحسين بن علي رضي الله عنهما ، توفي عام ٦٤ ه (الأعلام ٨ / ١٨٩).
(٥) النسائي ، والحاكم بألفاظ متقاربة.