(قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)(٢٥)
رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء ، من احقوقف الشيء إذا اعوجّ. عن ابن عباس رضي الله عنهما : هو واد بين عمان ومهرة (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) جمع نذير بمعنى المنذر أو الإنذار (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) من قبل هود ومن خلف هود ، وقوله وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه وقع اعتراضا بين أنذر قومه وبين (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) والمعنى واذكر إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم ، وقد أنذر من تقدّمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك.
٢٢ ـ (قالُوا) أي قوم هود (أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) لتصرفنا ، فالأفك الصرف ، يقال أفكه عن رأيه (عَنْ آلِهَتِنا) عن عبادتها (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من معاجلة العذاب على الشرك (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في وعدك (١).
٢٣ ـ (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ) بوقت مجيء العذاب (عِنْدَ اللهِ) ولا علم لي بالوقت الذي يكون فيه تعذيبكم (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) وبالتخفيف أبو عمرو ، أي الذي هو شأني أن أبلّغكم ما أرسلت به من الإنذار والتخويف (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي ولكنكم جاهلون لا تعلمون أنّ الرسل بعثوا منذرين لا مقترحين ولا سائلين غير ما أذن لهم فيه.
٢٤ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ) الضمير يرجع إلى ما تعدنا أو هو مبهم وضح أمره بقوله (عارِضاً) إما تمييزا أو حالا ، والعارض السحاب الذي يعرض في أفق السماء (مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) روي أنّ المطر قد احتبس عنهم ، فرأوا سحابة استقبلت أوديتهم ، فقالوا : هذا سحاب يأتينا بالمطر ، وأظهروا لذلك (٢) فرحا ، وإضافة مستقبل وممطر مجازية غير معرّفة بدليل وقوعهما وهما مضافان إلى معرفتين وصفا للنكرة (بَلْ هُوَ) أي قال هود بل هو ، ويدلّ عليه قراءة من قرأ : قال هود بل هو (مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب ، ثم فسره فقال (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ).
٢٥ ـ (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجمّ الكثير ، فعبر عن
__________________
(١) في (ز) وعيدك.
(٢) في (ز) من ذلك.