(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (١٨)
باستقراره في الأزمنة المتراخية المتطاولة غضا جديدا (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يجوز أن يكون المجاهد منويا ، وهو العدو المحارب أو الشيطان أو الهوى ، وأن يكون جاهد مبالغة في جهد ، ويجوز أن يراد بالمجاهدة بالنفس الغزو وأن يتناول العبادات بأجمعها ، وبالمجاهدة بالمال نحو صنيع عثمان في جيش العسرة وأن يتناول الزكاة وكلّ ما يتعلق بالمال من أعمال البرّ ، وخبر المبتدأ الذي هو المؤمنون (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) أي الذين صدقوا في قولهم آمنا ولم يكذبوا كما كذب أعراب بني أسد ، أو هم الذين إيمانهم إيمان صدق وحق ، وقوله الذين آمنوا صفة لهم. ولما نزلت هذه الآية جاؤوا وحلفوا أنهم مخلصون فنزل :
١٦ ـ (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) أي أتخبرونه بتصديق قلوبكم (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) من النفاق والإخلاص وغير ذلك.
١٧ ـ (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ) أي بأن (أَسْلَمُوا) يعني بإسلامهم ، والمنّ ذكر الأيادي تعريضا للشكر ونهينا عنه (١) (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) أي المنة لله عليكم (أَنْ هَداكُمْ) بأن هداكم ، أو لأن (لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إن صحّ زعمكم وصدقت دعواكم إلا أنكم تزعمون وتدّعون ما الله عليم بخلافه ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان (٢) فلله المنة عليكم ، وقرىء إن هداكم.
١٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) وبالياء مكي ، وهذا بيان لكونهم غير صادقين في دعواهم ، يعني أنه تعالى يعلم كلّ مستتر في العالم ويبصر كلّ عمل تعملونه في سرّكم وعلانيتكم لا يخفى عليه منه شيء ، فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم؟ (٣).
__________________
(١) ليس في (ز) ونهينا عنه.
(٢) في (ظ) و (ز) الإيمان بالله.
(٣) زاد في (ز) وهو علام الغيوب.