إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) (٤١)
(مَحِيصٍ) مهرب من الله ، أو من الموت.
٣٧ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور (لَذِكْرى) تذكيرا وعظة (١) (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) واع ، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أصغى إلى المواعظ (وَهُوَ شَهِيدٌ) حاضر بفطنته ، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب.
٣٨ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) إعياء ، قيل نزلت في اليهود ـ لعنت ـ تكذيبا لقولهم خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش ، وقالوا إنّ الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ ، وأنكر اليهود التربيع في الجلوس وزعموا أنه جلس تلك الجلسة يوم السبت.
٣٩ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه ، أو على ما يقول المشركون في أمر البعث فإنّ من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منه (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) حامدا ربك ، والتسبيح محمول على ظاهره ، أو على الصلاة ، فالصلاة (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) الفجر (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) الظهر والعصر.
٤٠ ـ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) العشاءان أو التهجد (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) التسبيح في آثار الصلوات ، والسجود والركوع يعبّر بهما عن الصلاة ، وقيل النوافل بعد المكتوبات ، أو الوتر بعد العشاء ، والأدبار جمع دبر ، وإدبار حجازي وحمزة وخلف من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت ، ومعناه وقت انقضاء السجود كقولهم آتيك خفوق النجم.
٤١ ـ (وَاسْتَمِعْ) لما أخبرك به من حال يوم القيامة ، وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به ، وقد وقف يعقوب عليه ، وانتصب (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) بما دلّ عليه :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) تذكرة وموعظة.